للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال الشارح: وينبغي أن يجعل استئنافاً لا عطفاً على ما قبله.

قلت: يمكن أنه أراد من عوارض الألفاظ فقط، فيرجع التصحيح إلى تضعيف القول بأنه من عوارض المعاني أيضاً، لا إلى كونه من عوارض الألفاظ، ولذلك عقبه بقوله: (قيل والمعاني) والذاهبون إليه اختلفوا في أن عروضه للمعاني هل هو حقيقة أو مجاز؟ فقال بعضهم: حقيقة، فكما صح في الألفاظ شمول أمر لمتعدد صح في المعاني شمول معنى لمعاني متعددة بالحقيقة فيهما.

وقال القاضي عبد الوهاب: مراد قائله حمل الكلام على عموم الخطاب، وإن لم يكن هناك صيغة تعمها كقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} / (٦٠/ ب / د) أن نفس الميتة وعينها لما لم يصح تناول التحريم لها عممنا بالتحريم جميع التصرف فيها من الأكل والبيع واللبس وسائر أنواع الانتفاع، وإن لم يكن للأحكام ذكر في التحريم لا بعموم ولا بخصوص.

وقال آخرون: بل هو مجاز، لأنه لا يتصور انتظامها تحت لفظ واحد إلا إذا اختلفت في أنفسها، وإذا اختلفت تدافعت، وقولهم: عمهم الخصب والرخاء متعدد، فإن ما خص هذه البقعة غير ما خص الأخرى، وعزاه الصفي الهندي للجمهور، والظاهر أن الذي حكاه المصنف هو الأول، فإنه لو أراد الثاني لكان الراجح عنده أنه ليس من عوارض الألفاظ لا حقيقة ولا مجازاً، ولما حكاه الشارح قال: إنه أبعد الأقوال بل في ثبوته نظر.

وفي المسألة قول رابع وهو: أنه من عوارض المعاني الكلية الذهنية، فإن المعنى الذهني واحد متناول لأمور كثيرة بخلاف المعاني الخارجية، لأن كل موجود في الخارج متخصص بمحل وحال مخصوص لا يوجد في غيره، فيستحيل شموله لمتعدد، وهذا بحث للصفي الهندي.

تنبيه

ليس المراد المعاني التابعة للألفاظ، فإنه لا خلاف في عمومها، لأن لفظها عام، وإنما المراد المعاني المستقلة كالمقتضى والمفهوم.

<<  <   >  >>