هذا العموم مخصوص، وهذا المطلق مقيد، ويجوز تأخير البيان التفصيلي أما ما ليس له ظاهر يعمل به كالمشترك فيجوز تأخير بيانه/ (٨٥/أ/د) مطلقا، وبه قال أبو الحسين البصري.
الخامس: أنه يمتنع في غير النسخ، ويجوز فيه وهو قول الجبائي، ومقتضاه أن النسخ من محل الخلاف، لكن قال بعضهم: إنه يجوز تأخير النسخ اتفاقا، وهو مقتضى كلام القاضي أبي بكر وإمام الحرمين والغزالي.
السادس: أنه يمتنع إبداء بعض، وتأخير بعض لئلا يعتقد المكلف بإظهار البعض أن لا إشكال بعده، بخلاف تأخير بيان الكل، فإنه جائز، وإذا فرعنا على امتناع تأخير البيان فهنا مسألتان:
إحداهما: المختار أنه يجوز للرسول صلى الله عليه وسلم تأخير تبليغ الحكم إلى وقت الحاجة، فإن معرفته إنما هي لوجوب العمل، ولا عمل قبل الوقف، وقيل: تجب المبادرة، وكلام الإمام فخر الدين والآمدي وابن الحاجب يقتضي أن الخلاف في غير القرآن، أما القرآن فيجب تبليغه على الفور قطعا، واستشكل الفرق.
الثانية: يجوز أن لا يعلم المكلف الموجود بالمخصص – بكسر الصاد – بل يجوز إسماعه العام المخصوص بدون مخصصه، خلافا للجبائي فإنه منعه في المخصص السمعي دون العقلي وخرج (بالموجود) من ليس موجودا حالة ورود التخصيص فلا يشترك إسماعه بلا خلاف، لعدم إمكانه، هذا مقتضى عبارة المصنف وشرحه عليه شارحه لكن الذي تقتضيه عبارة ابن الحاجب أن المراد المخصص الموجود أي الذي ورد مع ورود العام المخصوص للاحتراز عن مخصص لم يرد، فيكون الوجود صفة للدليل المخصص لا المكلف، وعليه شرحوه، فكلام المصنف مخالف له في التقرير، وعلى كل حال، فأي فرق بين هذه المسألة وبين المذكورة قبلها وهي تأخير التبليغ يحتاج ذلك إلى تأمل.