ومعنى الأول: أن المزيل لحكم الأول هو الناسخ إذ لولا وروده لاستمر
ومعني الثاني: أنه انتهى بذاته، ثم حصل بعده حكم، لأنه عند الله مغيا بغاية معلومة.
فالناسخ بيان لها، واختار المصنف الأول، وارتضى في تعريفه أنه رفع الحكم الشرعي بخطاب، فخرج بالحكم الشرعي رفع البراءة الأصلية، كتحريم، أو إيجاب ما هو على البراءة الأصلية، لم يرد فيه قبل ذلك حكم، فإنه لا يسمى نسخا.
وتناول قوله:(بخطاب) اللفظ والمفهوم، وأورد عليه النسخ بالفعل كنسخ الوضوء مما مست النار بأكل الشاة ولم يتوضأ وأجيب عنه بأن الفعل نفسه لا ينسخ وإنما يدل على نسخ سابق وخرج به الرفع بالنوم أو الغفلة أو الجنون أو الموت، وعلم من ذلك أنه لا نسخ بالعقل فمن سقطت عنه العبادة لعجزه عنها لا يقال: إنها نسخت في حقه، ومن ذلك رد على الإمام فخر الدين في قوله في (المحصول): إن من سقطت رجلاه فقد نسخ عنه غسلهما، لأن زوال الحكم لزوال محله أو سببه ليس نسخا، وكذلك الإجماع لا ينسخ به، لأنه لا ينعقد في زمنه عليه الصلاة والسلام، ولا نسخ بعده، فإن أجمعوا على مخالفة نص فهو دال على ناسخ سواه، فالنسخ بدليله لا به، وعلى هذا يحمل قول الشافعي: إن النسخ كما يثبت بالخبر يثبت بالإجماع، وقد كان المصنف رحمه الله تعالى ذكر هذا في التخصيص/ (١٠٤/أ/م) ثم ضرب عليه هناك وألحقه هنا فإنه محله.
ص: ويجوز على الصحيح نسخ بعض القرآن تلاوة وحكما أو أحدهما فقط.