للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإلا فلا، لكنه فرضه في دعوى النبوة، ولما فرضه المصنف في دعوى الرسالة لم يحتج لهذا التقييد ولا يخفى أن هذا قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم وأما بعده فيقطع بكذبه مطلقا، لقيام القاطع على أنه خاتم النبيين، وهو راجع إلى القسم الأول وهو ما علم خلافه استدلالا وضم المصنف إلى المعجزة تصديق الصادق، وهو نبي معلوم النبوة قبل ذلك، بصدق هذا المدعي للنبوة في دعواه فلا يحتاج معه إلى معجزة.

الرابع: الخبر المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد استقرار الأخبار، إذا فتش عنه فلم يوجد في بطون الكتب ولا صدور الرواة، ذكره الإمام فخر الدين وسبقه إليه صاحب (المعتمد) وقال القرافي: يشترط استيعاب الاستقراء بحيث لا يبقى ديوان ولا راو إلا وكشف أمره في جميع أقطار الأرض وهو عسر أو متعذر، وقد ذكر أبو حازم في مجلس هارون الرشيد حديثا وحضره الزهري فقال: لا أعرف هذا الحديث فقال: أحفظت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كله؟ فقال: لا، قال: فنصفه؟ قال: أرجو. قال: اجعل هذا في النصف الذي لم تعرفه، هذا وهو الزهري شيخ مالك فما ظنك بغيره؟ نعم إن فرض دليل عقلي أو شرعي يمنع منه، عاد إلى ما سبق.

قلت: ليس هذا مما نحن فيه، لأن الكلام بعد استقرار الأخبار كهذه الأزمنة وقبلها بمدد لما دونت الأحاديث وضبطت، وأما في الأعصار الأولى فقد كانت السنة منتشرة لانتشار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الأمصار، بحيث لا يفتش الآن على الأحاديث من صدور الرواة، وإنما يرجع إلى دواوين الإسلام الحديثية وهي معروفة محصورة، فما لم يوجد فيها لا يقبل من راويه، ومن العجب قوله في هذه الحكاية: إن الزهري وأبا/ (٩٧أ/د) حازم اجتمعا في مجلس هارون

<<  <   >  >>