قَالَ فِي كِتَابِ (الإِحْكَامِ): وَدَاوُدُ وأَصْحَابُه لاَ يَقُولونَ بِشَيْءٍ مِنَ القِيَاس سَوَاءً كَانَتِ العِلَّةُ فِيهِ مَنْصُوصَةً أَمْ لاَ، انْتَهَى.
الرَّابِع ـ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ـ: العَمَلُ بِالقِيَاسِ إِلاَّ فِي الحُدُودِ، كَقَطْعِ النّبَّاشِ قِيَاسًا علَى السَّارِقِ، وجَلْدِ اللاََّّئِطِ إِنْ كَانَ بِكْرًا مَِائَةً، ورَجْمِهِ إِنْ كَانَ ثَيِّبًا قِيَاسًا علَى الزَّانِي، وَالكَفَّارَاتُ كإِيجَابِهَا علَى القَاتِلِ عَمْدًا، قِيَاسًا علَى قَتْلِ الخَطَأِ، وَالرُّخَصُ كَقِيَاس العِنَبِ علَى الرّطَبِ فِي العَرَايَا، إِنْ لَمْ يَكُنْ وَرَدَ فِيهِ نَصٌّ، وَالتَّقْدِيرَاتُ كأَعْدَادِ الرّكَعَاتِ.
وأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الحَنَفِيَّة نَاقَضُوا أَصْلَهُم، فأَوْجَبُوا الكَفَّارَةَ بِالإِفْطَارِ بِالأَكْلِ، قِيَاسًا علَى الإِفْطَارِ بِالجِمَاعِ، وفِي قَتْلِ الصيدِ خَطَأً قِيَاسًا علَى قَتْلِه عَمْدًا، وَقَاسُوا فِي التّقْدِيرَاتِ حَتَّى قَالُوا فِي الدّجَاجَةِ إِذَا مَاتَتْ فِي البِئْرِ يَجِبُ/ (١٢٥/أَ/د) نَزْعُ كَذَا وكَذَا دَلْوٍ، وفِي الفَأْرَةِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، ولَيْسَ هذَا التّقْدِيرُ عَنْ نَصٍّ، ولاَ إِجْمَاعٍ، فَيَكُونُ قِيَاسًا.
وقَالَ القَاضِي أَبُو الطّيِّبِ، نَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي تَقْدِيرِه مُدَّةَ الرّضَاعِ وَالعَدَدَ الذي يَنْعَقِدُ بِهِ الجُمُعَةِ، ومَسْحِ الرّأْسِ بمَا لَيْسَ فِيهِ تَوْقِيفٌ ولاَ اتِّفَاقٌ، انْتَهَى.
ومَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَرَيَانِ القِيَاس فِي الرّخَصِ هو مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، كَمَا حَكَاهُ الإِمَامُ وغَيْرُه، لكِنَّه نَصَّ فِي (البُوَيْطِيِّ) علَى أَنَّه لاَ يَجْرِي فِيهَا، فَلَعَلَّ لَهُ، فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ، ويَدُلُّ لَهُ اخْتِلاَفُ جَوَابِه فِي جَوَازِ العَرَايَا فِي غَيْرِ الرّطَبِ وَالعِنَبِ قِيَاسًا.
الخَامِسُ ـ وَبِهِ قَالَ أَبُو الفَضْلِ بْنُ عَبْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا ـ: مَنْعَ القِيَاس مَا لَمْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ، بأَنْ تَحْدُثَ حَادِثَةٌ تَقْتَضِي الضّرُورَةُ مَعْرِفَةُ حُكْمِهَا، حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الصّلاَحِ فِي طَبَقَاتِهِ وقَالَ: يَأْبَاهُ وَضْعُ الأَئِمَّةِ الكُتُبَ الطَّافِحَةَ بِالمَسَائِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute