وجوَابُهُ أَنْ يُبَيِّنَ المُسْتَدِلُّ اعتبَارَ خصوصيَّةِ الجمَاعِ فِي ذَلِكَ، فإِنَّ الأَعرَابيَّ لمَا سأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الجمَاعِ، أَوْجَبَ عَلَيْهِ الكفَارةَ، فكَانَ كقولِه:/ (١٩٠/أَ/م) جَامَعْتُ فِي نهَارِ رَمَضَانَ فَكَفَّرَ، فترتيبُ الحُكْمِ علَى الوَصْفِ يُشْعِرُ بِالعِلِّيَّةِ/ (١٥٤ب/د) ومقتضَاه أَنْ تَكُونَ العِلَّةُ خُصُوصِيَّةَ الجِمَاعِ لاَ مُطْلَقَ الإِفطَارِ، وكأَنَّ المُعْتَرِضَ يُنَقِّحُ المنَاطَ؛ لأَنَّهُ حَذَفَ خصوصَ الجمَاعِ، ونَاطَ الحُكْمَ بِالأَعمِّ وهو الإِفطَارُ، وَالمُسْتَدِلُّ يحقِّقُ المنَاطَ؛ لأَنَّهُ حقَّقَ علية هذَا الوَصْفَ الخَاصَّ.
فإِن قُلْتَ: كلاَهمَا من مسَالِكِ العِلَّةِ فتعَارَضَا.
قُلْتُ: يُرَجِّحُ التَّحْقِيقَ فإِنَّه يَرْفَعَ النّزَاعَ.
ص: ومَنْعُ حُكْمِ الأَصْلِ وفِي كَوْنِهِ قَطْعًا للمُسْتَدِلِّ مَذَاهِبُ، ثَالِثُهَا قَالَ الأَستَاذُ: إِن كَانَ ظَاهِرًا، وقَالَ الغَزَالِيُّ: يُعْتَبَرُ عُرْفُ المكَانِ، وقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشّيرَازيُ: لاَ يُسْمَعُ فإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ لَمْ يَنْقَطِعُ المُعْتَرِضُ علَى المُخْتَارِ بَلْ لَهُ أَن يعودَ ويَعْتَرِضَ.
ش: من أَنوَاعِ المَنْعِ أَنْ يَمْنَعَ المُعْتَرِضُ حُكْمَ الأَصْلِ، كأَنْ يقولَ شَافعيٌّ: الخلُّ مَائعٌ لاَ يَرْفَعُ الحدثَ، فَلاَ يُزِيلُ النجَاسةَ كَالدُّهْنِ.
فِيقولُ الحَنَفِيُّ: لاَ أُسَلِّمُ الحُكْمَ فِي الأَصْلِ، فإِنَّ الدُّهْنَ عندي يُزِيلَ النّجَاسَةَ، فَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ ينقطِعُ المُسْتَدِلُّ بِذَلِكَ أَمْ لاَ؟
علَى مَذَاهِبَ:
أَصحُّهَا: أَنَّهُ لاَ ينقَطِعُ بذلك؛ لأَنَّهُ مَنَعَ مُقَدِّمَةً مِنْ مُقَدِّمَاتِ القِيَاسِ فلَهُ إِثبَاتُهُ كسَائرِ المُقَدِّمَاتِ.
وَالثَّانِي: يَنْقَطِعُ؛ لأَنَّهُ انتقَالٌ مِنْ حُكْمِ الفَرْعِ إِلَى حُكْمِ الأَصْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute