للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَاختَارَ المُصَنِّفُ أَنَّهُ دليلٌ، فإِنَّه يَلْزَمُ من ثُبُوتِهِ ثُبُوتُ المطلوبِ.

ثم اخْْتَلَفَ القَائلونَ بهذَا، فقِيلَ: هو استدلاَلٌ لدخولِه فِي تعريفِ الاستدلاَلِ، وهو ظَاهرُ كلاَمِ المُصَنِّفِ، وَقِيلَ: إِنْ أَثبَتَ السَّبَبَ أَو المَانِعَ أَو الشَّرْطَ بِغَيْرِ النَّصِّ أَو الإِجمَاعِ أَو القِيَاسِ فهو استدلاَلٌ، وإِلاَّ فلاَ.

ص: مسأَلةٌ: الاستقرَاءُ بِالجزئِيِّ علَى الكليِّ إِن كَانَ تَامًّا أَي بِالكلِّ، إِلا صُورَةَ النّزَاعِ فقطعِيٌّ عِنْدَ الأَكثرِ أَو نَاقصًا أَي: بِأَكثرِ الجزئيَاتِ فظنيٌّ ويُسَمَّى إِلحَاقُ الفردِ بِالأَغْلَبِ.

ش: مِنْ أَنوَاعِ الاستدلاَلِ الاستقرَاءُ وهو علَى قسمينِ.

أَحَدُهُمَا: الاستقرَاءُ/ (١٩٦/أَ/م) التَّامُّ، وهو إِثبَاتُ الحُكْمِ فِي جزئيٍّ لثُبُوتِهِ فِي الكلِّ، كَقَوْلِنَا: كلُّ جِسْمٍ مُتَحَيِّزٍ، فإِِنَّهُ/ (١٥٨/أَ/د) اسْتُقْرِئَتْ جَمِيعُ الأَجسَامِ فَوُجِدَتْ كَذَلِكَ، ولاَ خِلاَفَ ـ كمَا قَالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ ـ فِي أَنَّهُ حُجَّةٌ، وَالأَكثرونَ علَى أَنَّهُ مفِيدٌ للقَطْعِ.

ثَانِيهُمَا: الاستقرَاءُ النَّاقصُ ـ وهو إِثبَاتُهُ فِي فَرْدٍ لثُبُوتِهِ فِي أَكثرِ الجزئيَاتِ، ويُسَمَّى عِنْدَ الفقهَاءِ إِلحَاق الفردِ بِالأَعمِّ الأَغلبِ، كَقَوْلِنَا فِي الوِتْرِ: لَيْسَ بوَاجبٍ لأَنَّهُ يُؤَدَّى علَى الرَّاحِلَةِ، ومُسْتَنَدُ هذه المقدِّمَةِ وهي أَدَاءُ النّوَافلِ دُونَ الفرَائضِ علَى الرَّاحِلَةِ الاستقرَاءُ.

قُلْتُ: وفِي هذَا نَظَرٌ، لقولِ الصّحَابيِّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُصَلِّي الوَتْرَ علَى الرَّاحلةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّي عَلَيْهَا المَكْتُوبَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالقَائلون بِهَا القِسْمُ الأَخيرُ قَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُفِيدُ إِلا الظّنُّ لاحتمَالِ مخَالفةِ هذَا الفردِ للأَكثرِ.

<<  <   >  >>