الأَمرُ فِيهِ ويَشْتَبِهُ بِتَسْوِيلِ الشّيطَانِ؛ لِعَدَمِ رُجوعِهِ إِلَى قَاعدةٍ شرعيَّةٍ، وإِنْ كَانَ الغَالِبُ أَنَّ الخوَاطِرَ المَلَكِيَّةَ تَسْتَقِرُّ، وَالشّيطَانِيَّةَ تَضْطَرِبُ، وعلَى كُلِّ حَالٍ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَمَدَ مِنْهَا علَى مَا لَيْسَ لَهُ دَلِيلٍ شرعيٍّ.
قَالَ الشَّارِحُ: ومِمَّنْ أَثْبَتَهُ الإِمَامُ شِهَابُ الدّينِ السَّهْرَوَرْدِيُّ قَالَ: قَالَ فِي بَعْضِ أَمَالِيهِ: هو عُلُومٌ تَحْدُثُ فِي النّفْسِ المُطْمَئِنَّةِ الزّكِيَّةِ، وفِي الحديثِ: ((إِنَّ مِنْ أُمَّتِي مُحَدِّثِينَ، وإِنَّ عُمَرَ مِنْهُمْ)) وقَالَ تعَالَى: {فأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقْوَاهَا} أَخْبَرَ أَنَّ النّفوسَ مُلْهَمَةٌ؛ فَالنفسُ المُلْهَمَةُ عُلُومًا لَدُنِّيَّةً هي التي تَبَدَّلَتْ صِفَتُهَا، وَاطْمَأَنَّتْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ أَمَّارَةً، ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى أَمرٍ حَسَنٍ يَرْتَفِعُ بِهِ الخِلاَفُ، فَقَالَ: وهذَا النّوعُ لاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ المصَالحُ العَامَّةُ مِنْ عَالَمِ المُلْكِ وَالشّهَادةِ، بَلْ تَخْتَصُّ فَائدُتُهُ بِصَاحِبِهِ دُونَ غيرِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَرَةُ السّرَايةِ إِلَى الغيرِ علَى طريقِ العمومِ، وإِنْ كَانَتْ لَهُ فَائِدَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالأَغيَارِ علَى وَجْهٍ خَاصٍ؛ وذلكَ لأَنَّ مَحَلَّهُ النّفسُ، وقُرْبُهَا مِنَ الأَرضِ وَالعَالَمِ السُّفْلِيِّ، بِخلاَفِ المرتبةِ الأُولَى، وهي الوحيُ الذي قَامَ بِهِ المَلَكُ المُلْقِي؛ لأَنَّ مَحَلَّهُ القلبُ المُجَانِسُ لِلرُّوحِ الرُّوحَانِيِّ العُلْوِيِّ.
قُلْتُ: وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا حَكَاهُ مِنْ عِبَارتِه أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ دَلِيلاً شَرْعِيًّا مُسْتَقِلاًّ، وإِنَّمَا يَعْمَلُ بِهِ الإِنسَانُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ شريعةً، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الدَّقَّاقُ: كُلُّ حقيقةٍ لاَ تَتَّبِعُ شريعةً فَهِي كُفْرٌ.
وَقَوْلُ المُصَنِّفِ: (يَثْلَجُ بِهِ/ (١٦٤/أَ/د) الصّدرُ) أَيْ: يَطْمَئِنُ، وفِيه لغتَانِ: ثَلَجَ بِفتحِ اللاَّمِ، يَثْلُجُ بِضمِهَا، وثَلِجَ بِكسرِهَا، يَثْلَجُ بِفتحِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute