وقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي قوَاعدِه: (لاَ يُتَصَوَّرُ فِي الظّنُونِ تعَارضٌ كَمَا لاَ يُتَصَوَّرُ فِي العلومِ، وإِنَّمَا يَقَعُ التّعَارضُ بَيْنَ أَسبَابِ الظُّنونِ) فَإِنْ حَصَلَ الشّكُّ لَمْ نَحْكُمْ بِشَيْءٍ، وإِنْ وُجِدَ الظّنُّ فِي أَحَدِ الطّرفِيْنِ حُكِمَ بِهِ، وإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكَذِّبًا لِلآخَرِ تَسَاقَطَا، كَتعَارضِ الخَبَرَيْنِ، وَالشّهَادَتَيْنِ، وإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عُمِلَ بِهِ بِحَسَبِ الإِمكَانِ كَدَابَّةٍ عَلَيْهَا رَاكبَانِ يُحْكَمُ بِهِمَا لهمَا؛ لأَنَّ كُلاًّ مِنَ اليَدَيْنِ لاَ تُكَذِّبُ الأُخْرَى. انْتَهَى.
فإِذَا فَرَّعْنَا علَى جَوَازِ التّعَادُلِ فَفِيمَا يَصْنَعُ المُجْتَهِدُ مَذَاهِبُ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي العَمَلِ وَالقضَاءِ، ويَجْعَلَ فِي الفَتْوَى الخِيرَةَ لِلمُسْتَفْتِي، وبِهذَا قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ/ (١٦٥/أَ/د) وأَبُو عَلِيٍّ وَابْنُهُ أَبُو هَاشِمٍ، وجَزَمَ بِهِ الإِمَامُ وَالبَيْضَاوِيُّ فِي الكَلاَمِ علَى تعَارضِ/ (٢٠٣/ب/م) النّصَّيْنِ.
ثَانِيهُمَا: أَنَّهُمَا يَتَسَاقطَانِ ويَرْجِعُ إِلَى غيرِهِمَا وهو البَرَاءَةُ الأَصْلِيَّةُ، حَكَاهُ البَيْضَاوِيُّ عَنْ بَعْضِ الفقهَاءِ.
ثَالِثُهَا: الوَقْفُ كَالبَيِّنَتَيْنِ المُتَعَارِضَتَيْنِ.
رَابِعُهَا: التَّفْصِيلُ، فَإِنْ كَانَ فِي الوَاجبَاتِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، كَمَالِكِ مَائتَيْنِ مِنَ الإِبلِ يُخْرِجُ أَرْبَعَ حِقَاقٍ أَو خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ، وإِنْ كَانَ فِي غيرِهَا كَتعَارضِ الإِبَاحةِ وَالتحريمِ تسَاقَطَا، ورَجِعَ إِلَى البرَاءةِ الأَصْلِيَّةِ.
قَالَ الشَّارِحُ: وَقَوْلُهُ: (فإِنْ تَوَهَّمَ) أَحسنَ مِنْ قَوْلِ غيرِه: (فإِنْ ظَنَّ) لأَنَّ الظَّنَّ لِلطَّرَفِ الرَّاجِحِ ولاَ يُوجَدُ ذَلِكَ، وإِنَّمَا هو بِالنِّسَبَةِ إِلَى ظَنِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute