للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المُصَنِّفُ فِي شرحِهِ، لامتنَاعِ التَّرْجِيحِ فِي غَيْرِ الأَمَارتينِ، فكَان يَنْبَغِي التَّعْبِيرُ بِهِ هنَا.

وقولُنَا: (لِيَعْملَ بِالقويِّ) احْتَرِزْ بِهِ عَن تقويتِهَا لاَ لِلْعَمَلِ، بَلْ لبيَانِ كونِهَا أَفصحُ، وَقَدْ ظهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ هذَا فصلٌ لاَ بُدَّ مِنْهُ، فمَا كَانَ يَنْبَغِي إِهمَالُه.

وزَاد صَاحِبُ (البديعِ) فِي التَّعْرِيفِ وصفَا؛ ليخرُجَ التَّرْجِيحَ بدليلٍ مُسْتَقِلٌّ فَلاَ يجوزُ، لأَنَّهُ يؤدِّي إِلَى الانتقَالِ لدليلٍ آخرَ، فإِنَّه لاَ تعلَّقَ للثَاني بَالأَوَّلِ فَالعدولُ إِلَيْهِ انتقَالٌ.

ونَازعَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ فِي تعريفِ التَّرْجِيحِ، بِالتقويةِ التي هي مستندِةٌ إِلَى الشَّارعِ أَو المُجْتَهِدِ حقيقةً، وإِلَى مَا بِهِ التَّرْجِيحُ مجَازًا، وقَالَ: هو فِي الاصطلاَحِ نفسُ مَا بِهِ التَّرْجِيحُ.

وإِذَا تبيَّنَ أَن إِحدَى الأَمَارتينِ أَرجحُ مِنَ الأُخْرَى فقَالَ الأَكْثَرُونَ: يجِبُ العَمَلُ بِالرَاجحِ.

وفصَّلَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ فقَالَ: يجِبُ العَمَلُ بِالرَاجحِ إِذَا ترجَّحَ بقطعيٍّ، كتقديمِ النَّصِّ علَى القِيَاسِ، فإِنَّ تَرَجَّحَ بظنِيٍّ كَالأَوصَافِ وَالأَحوَالِ وكثرةِ الأَدلَّةِ ونحوِهَا، فَلاَ يجِبُ العَمَلُ بِهِ، فإِنَّ الأَصْلَ امتنَاعُ العَمَلِ بِالظنِّ، خَالفنَاه فِي الظّنونِ المستقلَّةِ بأَنفسِهَا لإِجمَاعِ الصّحَابةِ فِيبقَى التَّرْجِيحُ علَى أَصلِ الامتنَاعِ؛ لأَنَّهُ عمَلَ بظِنٍّ لاَ يستقِلُّ بنفسِهِ.

ورُدَّ بِالإِجمَاعِ علَى عدمِ الفرقِ بَيْنَ المستقِلِّ وَغَيْرِه.

وَقَدْ رَجَّحَتِ الصّحَابةُ رضِي اللَّه تعَالَى عَنْهُم قَوْلَ عَائشةَ رضِي اللَّه عَنْهَا فِي التّقَاءِ الختَانينِ: (فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَاغْتَسَلْنَا) علَى الخبرِ الذي رَوَاه جمَاعةٌ

<<  <   >  >>