إليه سبيلاً، إلا أن تأتي بهند لتُحِلّها مكان المحبوبة من قلبه، ترضي بذلك حبها ونفسها. وقد يفنى المحب في الحبيب فيبني مسرته على أساس من شقاء نفسه! ومشت بين عدي وهند تدير خيط الحب من حولهما، حتى غدا سبباً قوياً وجامعة لا تنقطع. لقد صبرت حتى مضى حَولٌ كامل على يوم الشعانين ونسيته هند، فواعدت مارية عدياً بِيعة ثوما، وأغرت هنداً بزيارتها فاستأذنت أمها فأذنت لها، وهنالك عرفت هند ما الغرام وذاقت غصصه.
يا ويل مارية! لقد جعلت هنداً مهراً لها لزواج ليلة (١). لقد تعرضت لعدي غداة يوم ثوما فهش لها وبش (وقد كان لا يكلمها) وقال لها: ما غدا بك؟ قالت: حاجة! قال: اذكريها، فوالله لا تسألينني شيئاً إلا أعطيتك إياه.
قالت: أريد ... وسكتت. وأدركها الخجل، ونطقت عيناها وفهم عنها، فأخذ بيدها إلى حانوت خمار في الحيرة. وكافأته بأن وعدته أن تحتال له في هند.
وتتالت الصور على قلب هند، فذكرت ليالي زواجها بعدي. فكانت - لقوة الذكرى - تحس على لسانها حلاوة تلك القبل، وتجد على عنقها لذة ذلك العناق، وعاد قلبها شاباً (على أن قلب المرأة والشاعر لا يفارقهما الشباب أبداً). ومدت يدها إلى المغيرة تحسب أنه - لِما طغى عليها من الخيال - عدي الحبيب، فلما أحس بها أجفل منها وانتفض، فتهاوى الحلم وتهافت،
(١) لأنهم كانوا قوماً نصارى تُمهِر نساؤهم الرجال (وتلك هي الدوطة).