للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عشية وضحاها]

هبطت ليلة الثلاثاء ١٥ رجب ٤٨٤هـ على قصر الملك الشاعر وهو لا يزال على العهد به منذ عشرين عاماً، سابحاً في النور، رافلاً في حلل النعيم، ولا يزال أهله سادرين في أفراحهم، واثقين بدهرهم، مطمئنين إلى سعدهم، ولم يُخِفْهم ما رأوا البارحة من طلائع الفاجعة ونُذُرها إذ أطبقت سحبها سوداً متراكبات ترتجس بالرعد، وتنبجس بالبرد (١)، وتعزف رياحها الهوج العاتيات ... لأنهم كانوا على يقين من زوالها، وكانوا يرجون - من بَعدها - صباحاً طلقاً، ضاحك الطلعة، ساجع (٢) الطير، مزهر الروض.

كذلك عوّدتهم الأيام حين غمرتهم بنعمها، وأفاضت عليهم متعها، ولم تمسك عنهم خيراً يطمع فيه عاشق ولا شاعر ولا ماجد شريف. وكان للملك من نفسه الكبيرة جيش إذا افتقد الجيش، وكان


(١) رَجَس صوت الرعد وارْتَجَس: عَظُمَ واختلط، ورَجَسَت السماء: رعدت رعداً شديداً. وتنْبَجِس: تنفجر؛ في القرآن: {فانْبَجَسَتْ منهُ اثنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً}. (مجاهد).
(٢) يقال: سجعت الحمامة: إذا رددت صوتها على طريقة واحدة (مجاهد).

<<  <   >  >>