سرى في المدينة أن قد سال العقيق (١)، فانتقلت المدينة بمساكنها وساكنيها، وزهوها وكبريائها، ولهوها وغنائها، وترفها ونعمائها، حتى استقرت في العقيق. ولقد كانت المدينة على عهد الخلفاء من بني أمية قلب الدولة الذي يخفق بالحب والشعر، كما كانت الشامُ رأسَها الذي يفكر في السياسة والملك، والعراقُ يدَها تلوح بعلم «المعارضة» وتهز سيف الثورة. وذلك أن فتيان قريش وشباب الأنصار ثقل عليهم المال الذي حمله آباؤهم الفاتحون الذين ورثوا كنوز كسرى وقيصر: ما حوى القصر الأبيض في المدائن، وما اشتملت عليه قصور الشام البلق، وكثُرَ في أيديهم
(١) في معجم البلدان لياقوت: العقيق كل مَسيل ماءٍ شقه السيل في الأرض فأنهَرَه ووسّعه، وفي ديار العرب أعِقّة: فمنها ... ومنها عقيق المدينة، فيه عيون ونخل. وقيل: هما عقيقان، الأكبر مما يلي الحرّة إلى قصر المراجل، والعقيق الأصغر ما سَفُل عن قصر المراجل إلى منتهى العرْصة، وفي هذا العقيق دور وقصور ومنازل وقرى. ثم قال: والأعِقّة كثيرة، وذِكرُ العقيق في الشعر كثير (مجاهد).