بكت خوفاً عليه في حياته، فلما مات بكت أسفاً عليه، حتى عشي بصرها. فدخل عليها أخواها مسلمة وهشام يسليانها ويعرضان عليها ما شاءت من الأموال، قالت: والله ما أبكي على مال ولا نعمة، ولكني رأيت منه منظراً ذكرته الآن فبكيت.
قالا: ما هو؟
قالت: رأيته ذات ليلة قائماً يصلي، فقرأ {يومَ يكونُ النّاسُ كالفراشِ المَبْثوثِ، وتكونُ الجِبالُ كالعِهْنِ المَنْفوش}، فشهق من البكاء حتى ظننت أن نفسه قد خرجت. فما صحا حتى ناديته للصلاة.
ولما ولي أخوها يزيد الخلافة ردّ عليها حليها، فقالت: لا والله أبداً، ما كنت لأطيعه حياً وأعصيه ميتاً. لا حاجة لي بها.
فقسمها على أهله ونسائه وهي تنظر.
رحمة الله على أولئك الناس. أولئك - والله - هم الناس.