للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من رخام عجيب محكم الإلصاق، قائمة على أربع سَوارٍ من الرخام الناصع، وتحتها شباك حديد في وسطه أنبوب نحاسي يمج الماء إلى علو، فيرتفع ثم ينثني كأنه قضيب لجين (١) وقد زينت جوانبها بالمصابيح.

ومصلٍّ يبتغي جماعة فلا يلبث حتى يجدها (٢)، فيقوم في الصف خاشعاً، يشغله جلال الله الذي يقف بين يديه عن الدنيا التي خلّفها وراء ظهره.

وجالسٍ إلى حلقة من هذه الحلقات الكثيرة، يستمع إلى محدث أو فقيه أو واعظ، أو ينصت لقارئ، أو يذكر الله مع


(١) هذا الوصف لابن بطوطة (وقد زارها في آخر الربع الأول من القرن الثامن)، وفوق البركة اليوم سدة جميلة قد يجلس فيها المؤذنون، قائمة على أربعة أركان وأربع سَوار من الرخام. وقد أُجري إلى هذه البركة ماء الفيجة الذي ينبع من قرية «الفيجة»، وهي من دمشق على عشرين كيلاً، وعلى الينبوع آثار بناء فخم من أبنية الرومان. وأول من جر هذا الماء إلى دمشق ناظم باشا رحمه الله، أحد ولاة العثمانيين، فأجراها في الطرقات في أنابيب. ثم جُرّ قسم أكبر من الماء في قناة نقرت في الصخر وأدخل البيوت والمساجد. أما قبة الماء هذه فقد أزيلت.
(٢) ومن المشاهَد في الأموي أنه إلى اليوم هذا لا يخلو من صلاة قائمة من أذان الظهر إلى أن يغلق المسجد أبوابه، فلا تنقضي جماعة حتى تشرع أخرى. وهذا خلاف السنة. ملاحظة: كتبت هذه الحاشية يوم نشرت القصة في سنة ١٩٣٥، أما الحال الآن فـ «إنّا لله وإنا إليه راجعون».

<<  <   >  >>