للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملك خاقان وكسرى؟ لقد ابتلعته المدينة المتوارية بين الحرتين وراء رمال الجزيرة، تلك القرية التي هزها محمد بيمينه فولدت الأبطال الذين انتشروا في آفاق الأرض وملوكها، وأنبتت رمالها جنات الشام والعراق وفارس وخراسان وهذه البلاد الخصبة الممرعة التي ليس لها آخر ... وكان كلما تقدم ورأى جديداً من دنيا الإسلام تمتلئ نفسه فرقاً من لقاء الخليفة.

* * *

وأفاق يوماً من ذهوله - بعدما صرم في هذه الرحلة أشهراً - على صوت الدليل وهو يهتف باسم «دمشق».

هذه دمشق، سرة الأرض، هذه سدة الدنيا. هنا التقى والعلى والمجد والغنى والجلال والجمال، من هنا تخرج الكلمة التي تمضي مطاعة حتى تنتهي إلى بلده سمرقند، وتمضي من هناك حتى تبلغ أرضاً أبعد وأنأى، حتى تجوز إسبانيا. هنا يقيم الرجل الذي ملك ما لم يملكه في سالف الدهر قيصر ولا كسرى ولا الإسنكدر ولا خاقان، والذي لا يجد من جبال الصين إلى بحر الظلمات من يخالف عن أمره أو يرد قوله.

ولكن كيف الوصول إليه؟ وأنى لغريب منكر مثله بالدخول عليه؟

وخالط قلبه اليأس، فسأل عن خان ينزل فيه، فأُرشد إلى خان أمضى فيه ليلته. فلما أصبح أخرج ثيابه فلبس أحسنها وخرج ليلقي الخليفة. وأقبل على أول إنسان لقيه يريد أن يسأله عن «القصر»،

<<  <   >  >>