والأخير يفيدان أن مبدأ الحرمة مجرد الإحرام وهو المقصود وكذا الثاني بجعل الباء سببية لا ظرفية لعدم إفادتها ذلك (على المرأة) ولو أمة أو خنثى مشكلًا أو صغيرة وتتعلق بوليها (لبس) محيط بيديها نحو (قفاز) بوزن رمان شيء يعمل لليدين يحشى بقطن تلبسهما المرأة للبرد خصه للخلاف فيه وإلا فغيره مما تعده لستر يديها مخيطًا أو مربوطًا كذلك قاله تت وكذا ستر أصابعها فإن أدخلت يديها في قميصها فلا شيء عليها ولبس بضم اللام مصدر ماضيه لبس بكسر الباء ومضارعه بفتحها وأما اللبس مصدرًا بمعنى التخليط فبفتح اللام من باب ضرب يضرب ومنه وللبسنا عليهم ما يلبسون (وستر وجه) أو بعضه ترفها أو لحر أو دبر ولو لم تلاصقه واستثنى منقطعًا قوله (إلا لستر) عن أعين الناس فلا يحرم عليها ستره ولو لاصقته له بل يجب أن علمت أو ظننت أنه يخشى منها الفتنة أو ينظر لها بقصد لذة وحينئذ فلا يقال كيف تترك واجبًا وهو ترك الستر في الإحرام وتفعل محرمًا وهو الستر لأجل أمر لا يطلب منها إذ وجهها ليس بعورة فالجواب أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت إلى آخر ما مر وانظر إذا خشي الفتنة من وجه الذكر هل يجب عليه ستره إن كان بالغًا وعلى وليّه إن كان غير بالغ أو يجري في الفدية الآتية أم لا (بلا غرز) بإبرة ونحوها (و) لا (ربط وإلا) بأن لبست قفازًا أو سترت كفيها أو وجهها أو بعضه لغير ستر أو غرزت ما سدلته أو عقدته (ففدية) أن طال (وعلى الرجل) أي الذكر ولو رقيقًا أو صغيرًا وهي متعلقة بوليه (محيط) بضم أوله وبالمهملة كما ضبطه بعض تلامذته عنه فيشمل المخيط بفتح أوله والمعجمة وغيره (بعضو) يدخل فيه الصرارة وهي التاسومة والقبقاب ولعله إذا كان سيره غليظًا أي عريضًا وإلا فلا قاله ح ولا يدخل المداس لما تقدم أن المحرم يلبسه (وإن) كانت إحاطته (بـ) سبب (نسج) على صورة المخيط كدرع
ــ
ما في هذا الكلام من الركاكة إذ لا تكون الباء بمعنى في ألا للظرفية وأما السببية فهي أصل في الباء دون في على أن الظرفية تفيد أيضًا أن مبدأ الحرمة مجرد الإحرام خلافًا لما زعمه (على المرأة) قول ز ولو أمة أو خنثى مشكلًا الخ مقتضى الاحتياط إلحاق الخنثى بالرجل لا بالمرأة لأن كل ما يحرم على المرأة يحرم على الرجل دون العكس إلا أن يقال احتمال الأنوثة يقتضي الاحتياط في ستر العورة وأن حكمه كالمرأة والله أعلم (وستر وجه) قول ز أو بعضه الخ جزم في بعض وجه المرأة بأنه كجمعيه تبعًا لح وحكي فيما يأتي في بعض وجه الرجل تأويلين وكلام ضيح وابن عبد السلام يفيدانهما سواء وإن التأويلين في كل منهما واعتمده طفى وقول ز واستثنى منقطعًا الخ غير صواب بل هو متصل لدخول ما بعد إلا فيما قبلها لولا الاستثناء وقول ز فالجواب أنه عورة الخ فيه نظر إذ الجواب المذكور ينتج ما هو أخص من الدعوى فيقتضي أنه لا يجوز لها الستر إلا إذا علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة وليس كذلك بل متى أرادت الستر عن الرجال جاز لها مطلقًا كما هو ظاهر المصنف قال في المدونة ووسع لها مالك أن تسدل رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا فإن لم ترد سترا فلا تسدل اهـ.