ذكر فيه البغي وهو لغة التعدي واستغنى عن تعريفه شرعًا بتعريف الباغية لاستلزامها له فقال الجماعة (الباغية فرقة) من المسلمين (خالفت الإِمام) الأعظم أو نائبه لأحد شيئين إما (لمنع حق) وجب عليها من زكاة أو حكم عليها من أحكام الشريعة المتعلقة بالله أو بآدمي أو الدخول تحت طاعته بالقول والمباشرة باليد لحاضر والإشهاد على الدخول لمن غاب عنه إن كان كل منهما من أهل الحل والعقد واعتقاد ذلك ممن لا يعبأ به ولا يعرف فإنه حق لخبر من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية (أو) خالفته (لخلعه) أي إرادتها خلعه أي عزله لحرمة ذلك عليهم وإن جار كما قال عياض جمهور أهل السنة من الحديث والفقه والكلام أنه لا يخلع السلطان بالظلم والفسق وتعطيل الحقوق ولا يجب الخروج عليه بل يجب وعظه وتخويفه اهـ.
أي إلا أن يقوم عليه إمام عدل فيجوز لما روى ابن القاسم عن مالك من قام على إمام يريد إزالة ما بيده إن كان أي المقوم عليه مثل عمر بن عبد العزيز وجب على الناس الذب عنه والقيام معه وأما غيره فلا دعه وما يراد منه ينتقم الله من ظالم بظالم ثم ينتقم من كليهما اهـ.
ــ
لباغية: ح لما فرغ من الكلام على القتل والجرح أتبع ذلك بالكلام على الجنايات التي توجب العقوبة بسفك الدماء أو ما دونه وهي سبع البغي والردة والزنا والقذف والسرقة والحرابة والشرب وبدأ بالبغي لأنه أعظمها مفسدة إذ فيه إذهاب الأنفس والأموال غالبًا وعرفه ابن عرفة فقال هو الامتناع من طاعة من ثبتت إمامته في غير معصية بمغالبة ولو تأويلًا اهـ.
وقوله بمغالبة نحوه لابن الحاجب وهو قيد زائد على المصنف ولا بد منه وكأنهم يعنون بالمغالبة المقاتلة فمن خرج عن طاعة الإِمام من غير مغالبة لم يكن باغيًا ومثل ذلك ما وقع لبعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه مكث شهرًا لم يبايع الخليفة ثم بايعه اهـ.
وانظر إذا كلف الإِمام أو نائبه الناس بمال ظلمًا فامتنعوا من إعطائه فجاء لقتالهم هل يجوز لهم أن يدفعوا عن أنفسهم فإن تعريف ابن عرفة يقتضي أنهم بغاة لأنه لم يأمرهم بمعصية وإن حرم عليه قتالهم لأنه جائز وتعريف المصنف يقتضي أنهم غير بغاة لأنهم لم يمنعوا حقًّا ولا أرادوا خلعه وهو صريح ما يأتي لابن عرفة عن سحنون واعلم أن الإِمام تثبت بأحد أمور ثلاثة إما ببيعة أهل الحل والعقد وإما بعهد الإِمام الذي قبله له وإما بتغلبه على الناس وحينئذ فلا يشترط فيه شرط لأن من اشتدت وطأته وجبت طاعته وأهل الحل والعقد