والجواب على المصنف أن المذهب الأول لأنه ظاهر الكتاب فإن قلت لم أجزأ التطوع المحض عن القران ولم يجز عن التمتع على التأويل الثاني إذا لم يسبق له قلت لأن القران لما كانت العمرة فيه مندرجة في الحج فتعلقها بالحج أقوى من تعلقها به في التمتع فكان الذي سيق فيها في الحج (والمندوب) فيما ينحر بمنى الثابت بالسنة عند الجمرة الأولى ومنى كلها منحر ولا يجوز النحر بعد جمرة العقبة مما يلي مكة لأنه ليس من منى وفيما ينحر (بمكة المروة) لما في الموطأ وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بمنى هذا المنحر وكل منى منحر وفي العمرة عند المروة هذا المنحر وكل فجاج مكة وطرقها منحر والمراد القرية نفسها فلا يجوز النحر بذي طوى بل حتى يدخل مكة كما قال ابن القاسم ودل قوله وكل فجاج مكة الخ على أن قوله هذا المنحر أي المندوب كما قال المصنف (وكره) لمن له هدي (نحر غيره) أي استنابة غيره في نحر هديه أو ذبح ما يذبح أي كره إنابة غيره في ذكاته أن أسلم النائب وإلا لم يجز وعليه البدل كما في المدونة فإن ذكى الغير بغير استنابة لم يكره لربه ويأتي الكلام على إجزائه آخر الباب وشبه في الكراهة قوله (كالأضحية وإن مات متمتع) عن غير هدي أو عن هدي غير مقلد (فالهدي) واجب على الورثة إخراجه (من رأس ماله) ولو لم يوص كالحرث والماشية إذا مات بعد الوجوب بخلاف العين لأنه يمكن إخراجها سرًّا والهدي يقلد ويشعر ويساق من الحل إلى الحرم فلا يخفى لكنه مؤخر عن دين الآدمي كما سيأتي آخر الكتاب عند قوله ثم تقضي ديونه (إن رمى العقبة) أو فات وقتها بفوات يوم النحر ثم مات قبل رمها بالفعل كما قال ابن عرفة أو طاف للإفاضة قبل رميها ثم مات قبل رميها فالهدي من رأس ماله أيضًا في هذين لتعليلهم وجوبه من رأس المال بأنه حصل له معظم الأركان مع حصول أحد التحللين فكان كمن أشرف على فراغ العبادة وإن مات قبل ذلك لم يجب على الورثة شيء فإن قلد الهدي تعين ذبحه ولو مات صاحبه قبل الوقوف فإن انتفت الثلاثة فلا شيء عليه لا من رأس مال ولا من ثلث ولا يعارض ما هنا قولهم ودم التمتع يجب بإحرام الحج لأن معنى قوله يجب وجوبًا موسعًا وإنما يتحتم برمي العقبة كما قال هنا وما هو مثلها ونظير هذا ما يأتي في الظهار من أن الكفارة تجب بالعود وتتحتم بالوطء وتقدم ذلك أيضًا ومفهوم قوله متمتع أنه إن مات قارن فالهدي من رأس ماله حيث أردف الحج على العمرة إردافًا صحيحًا ثم مات تقرير (وسن الجميع) أي جميع دماء الحج من الهدي والجزاء والنسك
ــ
ونحوه لابن الحاجب ولولا الفاء في قول المصنف فضل لكان حمله على هذا الفرع أولى والله أعلم (وكره نحر غيره) قول ز أن أسلم النائب الخ هذا القيد مأخوذ من التشبيه لأنه قيد الضحية به فيما يأتي (والمعتبر حين وجوبه) قول ز وفي كلامه في المناسك الخ ما في المناسك هو المراد هنا لقوله في ضيح بعد عبارة ابن الحاجب التي هي كعبارته هنا ما نصه المراد بالتقليد هنا تهيئة الهدي وإخراجه سائرًا إلى مكة اهـ.