وظاهر قوله وأجزأت قبل حنثه إن موجبها اليمين فليحرر النقل في ذلك (إن لم يكره ببر) بأن كانت يمينه على الحنث وحنث طائعًا أو مكرهًا أو على بر وحنث طائعًا فتجب في هذه الثلاث صور التي هي منطوق المصنف ومفهومه أنه إن أكره على الحنث في صيغة البر فلا تجب عليه الكفارة لعدم حنثه فيه ولو من غير عاقل كدابة جمحت براكبها حتى أدخلته الدار المحلوف على عدم دخولها غير قادر على ردها ولا عن النزول عنها كما ذكره ابن عرفة فمفهومه صورة واحدة ومحل عدم الحنث في مسألة المصنف مقيد بستة قيود أن لا يعلم أنه يكره على الفعل وأن لا يأمر غيره بإكراهه له وأن لا يكون الإكراه شرعيًّا وأن لا تكون يمينه لأفعله طائعًا ولا مكرهًا وأن لا يفعله ثانيًا طائعًا بعد زوال الإكراه وأن لا يكون الحالف على شخص هو المكره له والأحنث ووجه التفرقة بين الحنث بالإكراه في يمين غير البر أن يمين الحنث حنثه فيها بالترك ويمين البر حنثه فيها بالفعل وأسباب الترك كثيرة فضيق فيه وأسباب الفعل قليلة ضعيفة فوسع فيه تأمل.
تنبيه: كلام المصنف في الإكراه وعدمه بالنظر لفعل نقيض المحلوف عليه وأما إذا أكره على فعل ما حلف عليه فلا يبر إلا أن ينوي فعله ولو مكرهًا فيصدق في الفتوى فقط وكذا إن حلف على فعل غيره كليقومن زيد فأكرهه الحالف على القيام لم يبر إلا أن ينوي أنه يوجد من القيام طائعًا أو مكرهًا فيصدق في الفتوى فقط أيضًا.
تنبيه آخر: قال د ومن الإكراه ببر ما قاله ابن القاسم عن مالك فيمن حلف بالطلاق لا خرجت امرأته من الدار فأتاها سيل أو هدم أو أمر لإقرار لها معه أو أخرجها أهل الدار وهي بكراء قد انقضى فلا شيء عليه في خروجها واليمين عليه في الدار التي انتقلت إليها نقله بعض الشيوخ اهـ.
وقف على هذه المسائل ويؤخذ منها حكم نازلة وهي من حلف بالطلاق على زوجته لا خرجت إلا بإذني وسافر ونودي على فتح قذر وهي حامل أو مرضع فخرجت لخوفها على ما في بطنها أو رضيعها فلا حنث عليه لأنه أمر لا قرار لها معه ويحتمل الحنث لأنه كالإكراه الشرعي لوجوب حفظ نفسها ورضيعها ولما كانت اليمين عند المصنف مختصة بالحلف بالله وصفاته وما عدا ذلك التزام لا أيمان شرعية وأنهى الكلام على الشرعية وما يتعلق بها من استثناء ولغو وغموس وكفارة وغير ذلك شرع في شيء من الالتزامات فقال
ــ
وظاهر قوله وأجزأت قبل حنثه الخ. قصور لأن كونها لا تجب إلا بالحنث طوعًا متفق عليه كما في ضيح وإجزاؤها قبله إنما هو لتقدم سببها وهو اليمين كما في ضيح وق وتت كالعفو عن القصاص قبل الموت لتقدم السبب وهو الجرح وللمسألة نظائر.
وقول ز: ويحتمل الحنث لأنه كالإكراه الشرعي الخ. غير صحيح والصواب ما قدمه من عدم الحنث لأنه كالصريح من سماع ابن القاسم المتقدم وأيضًا ما قدمه عن ابن القاسم من الخروج لسيل أو هدم أو أخرجها أهل الدار كله فيه وجوب الخروج شرعًا مثل هذا