قلل الأخذ منه مع أنه غير مراد قطعًا فالمراد التقليل وإن توضأ بجانب نهر ويجاب عنه بأن المراد قلة ما يتوضأ به وإن كان بجانب نهر (بلا حد) بمد ونحوه (كالغسل) وقول الرسالة وقد توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمد واغتسل بصاع بيان لفعله عليه الصلاة والسلام لا تحديد ابن العربي قولها بمد أي بكيل مد لا بوزنه وقال زروق قوله بمد أي بمقدار ما يبلغه وزن مد من الطعام لا بمقدار ما يبلغه وزن مد من الماء إذ ما يبلغه وزن مد من الماء دون ما يبلغه وزن مد من الطعام فإذا وزن مد من الطعام ووضع في آنية فإنه يشغل منها أكثر ما يشغله وزن المد من الماء إذا وضع في الآنية المذكورة فالمراد بالمد القدر من الماء الذي يبلغ من الآنية بقدر ما يبلغ المد من الطعام منها اهـ.
وأشار بقوله بلا حد لرد التحديد المذكور ولرد قول من قال لا بد وأن يسيل أو يقطر عن العضو فإن مالكًا أنكر ذلك ابن راشد أي أنكر السيلان عن العضو فهو غير مطلوب وأما السيلان عليه فلا بد منه لأنه لا بد من إيعاب الماء البشرة وإلا كان مسحًا (وتيمن أعضاء) في اليدين والرجلين لا الخدين والأذنين والصدغين والفودين وهما جانبا الرأس تثنية فود بفتح الفاء وسكون الواو كما في ح بلا همز لأن هذه الأعضاء لا تفاوت بين يمينها وضده في المنفعة بخلاف اليدين ففي يمناهما من وفور الخلق صلاحية للأعمال ما ليس لليسرى حتى يضيق الخاتم بإصبع اليمنى دون اليسرى كما في تت قال ح والظاهر إن الأعسر يقدم اليمين اهـ.
ــ
وهذا هو مراد ابن العربي والله تعالى أعلم (وتيمن أعضاء) قول ز لأن هذه الأعضاء لا تفاوت بين يمينها وضده الخ هذا التعليل أصله للقرافي واعترض بأنه وإن كان ظاهرًا في اليدين والرجلين فإنه لا يظهر في غيرهما مما يستحب فيه التيمن مع عموم استحباب التيمن ففي الحديث كان يحب التيمن في شأنه كله وفي الأحاديث الصحيحة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبدأ في الاكتحال بالعين اليمنى وقال العلماء إنه يبدأ في حلق الرأس بالجانب الأيمن ويأتي في السواك يندب البدء بالجانب الأيمن من فمه فهذا كله يبطل ما علّل به القرافي لفقد العلة المذكورة في ذلك والحق في التعليل ما في ق عند قوله والمنزل يمناه بهما ونصه في صحيح مسلم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيمن في شأنه كله في نعله وترجله وطهوره قيل تبركًا باسم اليمن وبما في معناه من اليمن اهـ.
فإن قلت هذا يقتضي استحباب التيمن في الأذنين والفودين قلت أجيب بأن استحباب التيمن فيما يمكن فيه وهو ما يفعل على التعاقب وأما الأذنان في الوضوء وكذا الفودان فإن المسح فيهما يقع في مرة واحدة ولهذا قالوا في صفة الغسل من الجنابة يغسل الأذن اليمنى قبل اليسرى لعدم تأتي غسلهما دفعة واحدة وفي شرح الشمائل لابن حجر ومن زعم أن تقديم اليمنى إنما هو لكونها أقوى من اليسار فقد أخرج الأمر إلى أنه إرشادي لا شرعي وهو باطل مخالف للسنة وكلام الأئمة اهـ.