والظاهر أن حرمة الإقدام على ذلك لا تمنع وجوب النهي عنه بعد ذلك فما وقع لعمر بن الخطاب وهو يطوف ليلة بالمدينة في عسسه الذي اخترعه رضي الله عنه من أنه نظر من خلال باب شيخًا يشرب خمرًا فصعد على جدار البيت ونزل على الرجل فقال يا أمير المؤمنين أنا عصيت الله واحدة وأنت ثلاثًا قال الله تعالى:{وَلَا تَجَسَّسُوا}[الحجرات: ١٢] وأنت قد تجسست عليّ وقال تعالى: {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}[البقرة: ١٨٩] وأنت أتيت من الجدار وقال تعالى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}[النور: ٢٧] أي: تستأذنوا وأنت لم تستأذن فعفا عنه عمر وخرج وهو يقول: ويل لعمران لم يغفر الله له اهـ.
ليس عفوه عنه مذهبنا فلا يسقط الحد عن شارب الخمر بفعل الإِمام نو ذلك ثم قال تت أيضًا وأقوى مراتبه اليد ثم اللسان برفق ولين ثم بقلبه وهو أضعفها ثم لا يضره من ضل اهـ.
فإن قلت قوله ثم بقلبه فيه نظر لأنه فرض عين كما بشرحه على الرسالة وإن لم توجد الشروط المتقدمة وإنما هي في فرض الكفاية قلت ضمير مراتبه للأمر بالمعروف وضده من حيث هو لا بقيد كونه فرض كفاية على أن إطلاق النهي عن المنكر بالقلب تجوز إذ الذي به إنكار المنكر لا النهي عنه قال تت أيضًا ولم يذكر المصنف النهي عن المنكر لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده اهـ.
وفيه نظر لأن الكلام في الأمر والنهي اللفظيين بدليل تعلقهما باللسان ونحوه كاليد لا النفسيين وقد تقرر في أصول الفقه أن الأمر اللفظي ليس هو النهي اللفظي قطعًا ولا يتضمنه على الأصح لأن الأمر كما في جمع الجوامع وشرحه اقتضاء فعل غير كف أو اقتضاء كف لكن بلفظ كف والنهي اقتضاء الكف عن فعل بغير لفظ كف وقيل يتضمنه على معنى أنه إذا قيل أسكن فكأنه قيل لا تتحرك أيضًا لأنه لا يتحقق السكون بدون الكف عن التحرك وحمل الأمر في كلام المصنف على ما يشمل النهي بأن يعرف بأنه اقتضاء فعل ولو كفى بلفظ كف أو بغير لفظ كف مخالف لما عليه الأصوليون كما علمت ولا قرينة في كلامه تدل على ذلك الحمل (والحرف المهمة) مما لا يستقيم صلاح الناس إلا بها كخياطة وحياكة وبناء وبيع وشراء لا غير المهمة كقصر قماش ونقش سقف وجدر (ورد السلام) ولو على قارئ قرآن على المعتمد كما يفيده الوانشريسي خلافًا لصاحب المدخل ويفيد الأول أيضًا أنه يسن السلام عليه أو مصل لكن إشارة كما مر ولعله إن لم يكن المسلم أعمى أو في ليل مظلم لا يرى إشارته ويحتمل طلبه بها كرد سلام غائب في
ــ
عن المقصود (ورد السلام) قول ز يجب الرد أيضًا على آكل الخ. تقدم عن ح في الأذان أنه يكره السلام على الآكل ولا يرد انظره وقول ز وتقدم في الأذان عطفًا على ما يجوز وكذا قوله لم ينه عن السلام عليهم الخ غير صواب لأن قوله في الأذان وسلام عليه كملب عطف