يؤخذ منهم عشر ما قدموا به بمجرد وصولهم وعلى الأول فإن قدموا بعرض وباعوه بعين أخذ منهم عشر الثمن وإن قدموا بعين واشتروا بها عرضًا أخذ عشر لعرض على المشهور ولا عشر قيمته وإن قدموا بعرض واشتروا به عرضًا آخر فعليهم عشر قيمة ما اشتروا لا عشر عين ما قدموا به ولا يتكرر عليهم الأخذ بتكرر بيعهم وشرائهم ما داموا بأفق واحد كما في المدونة والموازية فإن باعوا بأفق كالشام أو العراق أو الحجاز واشتروا بآخر كمصر أو اليمن أخذ منهم عشر في الأول والثاني كما أنه يتكرر الأخذ منهم إن قدموا بعد ذهابهم لبلدهم ولو مرارًا في سنة واحدة فيؤخذ منهم كما قدموا وباعوا لو اشتروا خلافًا لقول الشافعي وأبي حنيفة إنما يؤخذ منهم مرة في العام وإن تكرر مجيئهم فيه ثم وجوب العشر فيما مر إن لم يحملوا الطعام لمكة أو المدينة أو القرى المتصلة بهما وإلا فنصفه فقط واختلف هل المراد بالطعام جميع أنواعه أو ما عدا القطاني فعشر فمقتضى ابن ناجي ترجيح الأول والتوضيح ترجيح قصره على الحنطة والزيت والحربي المؤمن في العشر ونصفه كالذمي لكن يفترقان في أمرين أحدهما أن الحربي يؤخذ منه بمجرد وصوله بخلاف الذمي فإنه لا بد من بيعه أو شرائه بعد وصوله عند ابن القاسم خلافًا لابن حبيب كما مر ثانيهما أن الذمي إذا باع بأفق ثم اشترى بآخر يتكرر عليه العشر كما مر بخلاف المؤمن فإنه إنما عليه عشر واحد أو نصفه بوصوله ولو باع بأفق واشترى بآخر وفرق عبد الحق بأن أمان الحربي عام في كل أفق من بلاد الإِمام المؤمن فجميع بلاد الإِسلام بالنسبة له كبلدة واحدة بخلاف الذمي لعدم احتياجه لأمان بكونه تحت ذمتنا (والعنوي) بعد ضرب الجزية عليه (حر) فعلى قاتله خمسمائة دينار لأن إقراره في الأرض لعمارتها من ناحية المن الذي قال فيه الله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا}[محمد: ٤] والمن العتاقة فلا يمنعون من هبة أموالهم والصدقة بها ويحكم بذلك حاكم المسلمين ولا يمنعون من الوصية بجميع أموالهم إلا إذا لم يكن لهم وارث من أهل دينهم وكانت ميراثهم للمسلمين وقد أشار ذلك بقوله (وإن مات) المناسب للتفريع الفاء قاله د (أو أسلم فالأرض فقط للمسلمين) ومفهوم قوله فقط إن ماله ليس للمسلمين لكن إن اكتسبه بعد الفتح وأما ما اكتسبه قبله فللمسلمين كما إذا مات بلا وارث فيما اكتسبه مطلقًا فإن قلت ما ذكره هنا في
ــ
(والعنوي حر) قول ز فعلى قاتله خمسمائة دينار الخ. يعني إن كان العنوي المقتول ذكرًا كتابيًّا كما يأتي (فالأرض فقط للمسلمين) قول ز لكن إن اكتسبه بعد الفتح الخ. هذا التفصيل لابن المواز وهو خلاف المشهور عند ابن الحاجب الذي مشى عليه المصنف من أنهم أحرار وأموالهم لهم مطلقًا وهو قول ابن القاسم في سماع عيسى ويحيى وقول ابن حبيب وظاهر المدونة وخلاف سماع سحنون من أنهم عبيد مأذون لهم في التجر فالأقوال ثلاثة وقد اعترض ابن رشد تفصيل ابن المواز بأنه غير جار على قياس قائلًا لأن إقرارهم إن كان عتقًا فما بأيديهم لهم وإلا لم يكن إسلامهم عتقًا فلا تكون أموالهم لهم اهـ.