للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحكم فيهم بحكم المرتدين من المسلمين لا بحكم الكفار الناقضين للعهد أصالة فعلى ما ذكر المصنف يستتاب كبارهم ثلاثة أيام فإن تابوا وإلا قتلوا وما لهم فيء ويجبر صغارهم على الإِسلام من غير استتابة ولا كالحربيين كما قاله أصبغ أما إذا حاربوا كمحاربة المسلمين فإن الإِمام يخير فيهم للحرابة ثم ينظر فيهم كما ينظر في المرتدين. وإنما كانوا في موضوع المصنف كالمرتدين نظرًا إلى الارتداد السابق على الحرابة وقيل كالمحاربين نظرًا إلى الحرابة الطارئة على الردة والراجح ما اقتصر عليه المصنف لتقدم حكم الردة (و) يجوز (للإمام) فقط (المهادنة) أي صلح الحربي مدة ليس هو فيها تحت حكم الإِسلام (لمصلحة) مستوية فيها وفي عدمها فإن كانت المصلحة فيها فقط تعينت وفي عدمها امتنعت ويمكن شمول كلامه للقسمين الأولين بجعل اللام مستعملة في حقيقتها وهو التخيير في الأول ومجازها في الثاني وهي بمعنى على أو تجعل للاختصاص فيشمل الثلاثة ويراد شأن المهادنة الشامل لتركها وينبغي أن نائب الإِمام كهو لا غيره بخلاف التأمين فيصح ولو من آحاد الناس كما مر (إن خلا) أي المهادنة بمعنى الصلح أو عقدها فالتذكير باعتبار هذا ولم يعطف هذا الشرط الثالث بالواو لجعل الشرطين السابقين أعني الإِمام والمصلحة كالموضوع للمهادنة (عن) شرط فاسد فإن لم يخل لم تجز (كشرط بقاء مسلم) أسير بأيديهم أو بقاء قرية للمسلمين خالية لهم أو شرط الحكم بين مسلم وكافر بحكمهم (وإن بمال) مبالغة إما في مفهوم الشرط أي فإن لم يخل عن بقاء كمسلم بأيديهم

ــ

جماعة منعوا أنفسهم فأخذوا ففي الحكم فيهم بحكم الحربيين أو المرتدين نقلًا ابن حبيب عن أصبغ وابن القاسم مع ابن الماجشون وإجرائهما على فعل أبي بكر في أهل الردّة بالسبي وفعل عمر فيهم حكم المرتدين برد الصغار والنساء من الرق لعشائرهم قائلًا لعمري إنه لأمر خالف فيه عمر أبا بكر ابن رشد الذين قضى فيهم أبو بكر بالسباء هم الذين نقض فيهم عمر القضية وهو خلاف قولهم: إن القاضي لا يرد ما قضى به غيره قبله باجتهاد فتدبر ذلك ابن عبد السلام لا نسلم أنه خالف أبا بكر رضي الله عنه إنما فعل ذلك تطييبًا لنفوس المسلمين لمشقة رؤية أحدهم زوجته وابنته مملوكه وذكر أنه فعله بعوض وفعل أبي بكر أجمع عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ثم اعترض كلام ابن عبد السلام ثم قال والجواب الحقيقي أن الحكم بالسبي في قوم لا يناقضه الحكم فيها بالمن عليهم لأنه لا منافاة بينهما وبأن المن مسبب عن النبي والمسبب يغاير سببه ولا يناقضه ولذا كان الإِمام في حكمه بالسبي في قوم ثم بالمن عليهم ليس بمتناقض في حكميه فحينئذ أقول الصادر من عمر رضي الله عنه إنما هو المن عليهم لمصلحة لا سيما وقد أسلموا كلهم لا نقض لحكم أبي بكر رضي الله عنه اهـ.

ثم ذكر أن هذا كله على ما حكاه ابن حبيب وسلمه ابن رشد وإلا فالذي ذكره أبو الربيع في الاكتفاء أن أبا بكر رضي الله عنه توفي وهم موثوقون من غير أن يحكم فيهم بالسبي ولا بغيره فلما ولي عمر سرحهم فإذا ثبت هذا فلا إشكال لأن أبا بكر لم ينفذ فيهم الحكم اهـ.

(وإن بمال) الصواب رجوع المبالغة للمفهوم ومعناه فإن لم يخل عن شرط فاسد لم

<<  <  ج: ص:  >  >>