قيد بالظرف وعدل عن قول المدونة وغيرها من أيقن بالوضوء وشك في الحدث ابتدأ الوضوء لاستشكال الوانوغي لها بأن الشك في أحد المتقابلين شك في الآخر فمن شك في وجود الحدث فقد شك في وجود الطهارة ضرورة تقابل الشيء والمساوي لنقيضه فكيف يتأتى أن يوقن بالوضوء ويشك في الحدث في آن واحد كما يقتضيه لفظها قال وقد طال بحثي فيه مع الفضلاء من المشارقة وغيرهم فصوبوه وعجزوا عن الجواب وأجاب المشذالي عنها بما حاصله أن الواو في قولها وشك بمعنى ثم أو الفاء أي إن شكه في الحدث بعد طهر علم كما قال المصنف انظر د وأراد بالشك هنا التردد على حد سواء فلا عبرة بالوهم والتجويز العقلي وأشار بقوله بعد الخ لرد رواية ابن وهب عن مالك يندب الوضوء فقط في هذه الحالة الوانشريسي الشك في الحدث شك في الشرط والشك في
ــ
وقال ابن عرفة من تأمل وأنصف علم أن الشك في الحدث شك في مانع لا فيما هو شرط في غيره والمعروف إلغاء الشك في المانع مطلقًا ويؤيده أن المشكوك فيه مطروح والمشكوك فيه في مسألة الوضوء إنما هو الحدث لا الوضوء فيجب طرحه اهـ.
وقال في الذخيرة الأصل أن لا يعتبر في الشرع إلا العلم لعدم الخطأ فيه وقد تعذر في أكثر الصور فجوّز الشارع الظن لندرة خطئه ونفي الشك غير معتبر ويجب اعتبار الأصل السابق عليه فإن شككنا في السبب لم يترتب المسبب أو في الشرط لم يترتب المشروط أو في المانع لم ينتف الحكم فهذه قاعدة مجمع عليها لا تنتقض وإنما اختلف العلماء في وجه استعمالها فالشافعي يقول الطهارة متيقنة والمشكوك فيه ملغى فيستصحبها ومالك يقول شغل الذمة بالصلاة متيقن فيحتاج إلى السبب المبرئ والشك في الشرط يوجب الشك في المشروط فيقع الشك في الصلاة الواقعة بالطهارة المشكوك فيها وهي السبب المبرئ والمشكوك فيه ملغى فيستصحب شغل الذمة والشك في عدد صلواته شك في السبب فيستصحب بشغل الذمة حتى يأتي بسبب مبرئ والعصمة متيقنة والشك في السبب الرافع فيستصحبها اهـ.
وبالجملة فهما يقينان يقين الطهارة قبل الشك وهو دافع للحديث المشكوك فيه ويقين عمارة الذمة وهو دافع للطهارة المشكوك فيها فمذهب الشافعية على الأول ومذهبنا على الثاني وهو الراجح فإن اليقين الذي دفعوا به الشك قد ارتفع وما بقي إلا استصحابه والاستصحاب أمره ضعيف واليقين الذي رفعنا به الطهارة المشكوكة لم يرتفع لا عند الشك ولا قبله ولا بعده فكان الراجح هو مذهبنا وبه تعلم ما في كلام ابن عرفة وقول ز المشكوك فيه هو الحدث لا الوضوء غير صحيح لأن الشك في أحد المتقابلين يوجب الشك في الآخر فمن شك في وجود زيد في الدار فقد شك في عدمه فيها ومن شك في وجود الحدث فقد شك في وجود الطهارة حين شكه وهو ظاهر قاله شيخنا سيدي أحمد بن مبارك في تقييده له وقول ز وأراد بالحدث هنا ما يشمل السبب الخ بهذا صرح ابن شاس في الجواهر ونقله عن ابن بشير (بعد طهر علم) قول ز لاستشكال الوانوغي لها الخ ابن عاشر بحث الوانوغي هنا شبه مغالطة لأن فرض المسألة أنه تيقن وضوءًا سابقًا ثم شك هل طرأ عليه حدث أم لا ولم يقولوا إنه بعد طريان الشك متيقن لبقاء الطهارة حتى يرد ما قال اهـ.