من قول المصنف وإن بطلت فلوس فالمثل وتقييده بعدم المطل كما مر أن اللازم الذهب كفتوى الوالد والله أعلم. ولما أنهى الكلام على أنواع البيع ومتعلقاته شرع في الكلام على شيء من متعلقات الغش لوقوعه غالبًا في البياعات وهو ضد النصيحة وبدأ من أحكامه بقوله:(وتصدق) وجوبًا (بما غش) أي أحدث فيه الغش وأعده ليغش به الناس فيحرم عليه بيعه ويفسخ فإذا رد له تصدق به على من يعلم أنه لا يغش به أدبًا للغاش لئلا يعود لارتكاب المحرم لخبر من غشنا فليس منا أي ليس على مثل هدينا وسنتنا فإن أحدث فيه الغش لا ليبيعه أو ليبيعه مبينًا غشه من يؤمن أن لا يغش به أو يشك في حاله فإنه لا يتصدق به فإن لم يبين للمشتري وكان لا يغش به إذا بقي عنده فله التمسك به ويرجع بما بين الصحة والغش أن علم قدره وإلا فسد البيع وأفهم قوله: تصدق بما غش أنه لا يكسر الخبز ولا يراق اللبن وطرح عمر له في الأرض ليس مذهبنا وبتسليمه فيحمل على القليل وأما الكثير فقال أبو الحسن: لا قائل بأنه يراق وقول الشارح أي في الوسط لا فرق بين القليل والكثير غير ظاهر ويرد الخبز لمكسور لربه إن كان غشه نقص وزن فإن كان بإدخال شيء فيه بيع عليه ممن يؤمن أن يغش به وأشار بقوله: (ولو كثر) لقول مالك ورد القول ابن القاسم لا يتصدق بالكثير بل يؤدب صاحبه ويترك له أي حيث يؤمن أن يغش به وإلا بيع ممن يؤمن كما تقدم قريبًا في الخبز القليل إذا تجرأ كسره وكان غشه غير نقص الوزن قال الشيخ سالم وفي كون المصنف أشار بالمبالغة لقول مالك نظر لأن اللخمي ذكر عنه أن التصدق بالكثير جائز لا واجب كما قررنا تبعًا لتت اهـ.
بالمعنى ولو حمل تصدق على الجواز مخالفًا لتت لصح إذ المصنف أشار بالمبالغة لقول مالك وأما بقاء حمل تصدق على الوجوب وجعل المبالغ عليه فقط في مقدر هو الجواز الدال عليه كلامهم فكأنه حذف لقرينة فبعيد لوجود لو وإن جعلت الواو للحال (إلا أن يكون اشترى كذلك) أي مغشوشًا فلا يتصدق به ولا ينزع منه ولكن لا يمكن من بيعه (إلا العالم) بغشه يشتريه كذلك (ليبيعه) لمن يغش به فيتصدق به عليه قبل أن يبيعه أو
ــ
أعلم (وتصدق بما غش) قول ز وجوبًا الخ الصواب جوازًا لما يذكره آخرًا من أن قوله ولو كثر هو قول مالك والتصدق عنده جائز لا واجب وقول ز في قول الشارح لا فرق بين القليل والكثير غير ظاهر الخ فيه نظر بل كلام الشارح صحيح لأنه راجع لكلام المصنف انظر طفى ثم ما ذكره عن التصدق هو المشهور وقيل يراق اللبن وتحرق الملاحف الردية قاله ابن العطار وأفتى به ابن عتاب في أعماله الخزارين إذا غشوا فيها وقيل تقطع خرقًا خرقًا وتعطى خرقًا للمساكين قاله ابن عتاب وقيل لا يحل الأدب في مال امرئ مسلم حكى هذه الأقوال ابن سهل قال ابن ناجي واعلم أن هذا الخلاف إنما هو في نفس المغشوش هل يصح فيه الأدب أم لا وأما لو زنى رجل مثلًا فإنه لا قائل فيما قد علمت أنه يؤدب بالمال وما يفعله الولاة في ذلك فجور لا شك فيه انتهى.