وتت ويعتبر في التحري من شروط الجزاف ما يمكن منها فيه (وفسد منهي عنه) لذاته كخمر وميتة أو لوصفه كبيع غاصب لمغصوب لأن النهي يقتضي الفساد شرعًا (إلا لدليل) شرعي يدل على صحة ذلك المنهي عنه كالنجش والمصراة كما يأتي فلا فساد ويكون حينئذ مخصصًا لتلك القاعدة أو على أن بيعا خاصًّا لا ينقض كتلقي الركبان وكتفريق أم من ولدها فإنه فاسد ولكن لا ينقض في حالة جمعهما بملك كما سيذكر وحينئذ فالمنهي عنه ثلاثة أقسام فاسد ينقض أو لا ينقض بعد وقوعه والثالث صحيح كالنجش والمصراة وقيد الشارح الدليل بمنفصل ولعله لعدم وجود المتصل قال د وانظر لو دل على النهي دليل وذكر في ذلك الدليل عدم النقض هل هذا الدليل من المنفصل أم لا وكلام المصنف هنا في المعاملات كما هو سياقه قال الشارح في الكبير وأحرى في العبادات اهـ.
وصحة الصلاة في الدار المغصوبة والوضوء بالماء المغصوب لدليل ويحتمل لأمر خارج كما توقف في ذلك عج وقال: وتقدم للمصنف وقطع محرم بوقت نهي وهو يدل على انعقادها وهذه المنهيات بعضها مستفاد من شروط البيع السابقة فانظر ما حكمة إعادته في بعضها حيث لم يكن أعاده لما فيه من التفضيل بين أن يقع على اللزوم أم لا كما في مسألة بيع الغرر وبيع الملامسة والمنابذة اهـ.
ولعل إعادته للتنبيه على منع ما كان في الجاهلية من هذه الجزئيات وإن كان هذا من مقام المشرع لا الملخص للشرع لكنه وقع غالبًا في موطأ الإِمام وقوله مستفاد من شروط البيع السابقة أي كقوله وعدم نهي وجهل بمثمون أو ثمن على أن قوله هنا وفسد
ــ
وقد يقال إنما عزاه لابن رشد من أجل أنه بين الكثرة بكونها جدًّا وليس ذلك في كلام ابن القاسم فتأمله وقول ز ثم تقييده بالعسر هو قول الأكثر وفي ابن عرفة والمدونة أنه يجوز التحري في الموزون وإن لم يعسر الوزن الخ ونحوه قول ابن عبد السلام تقييد ابن الحاجب هذه المسألة بتعذر الوزن هو مذهب الأكثر وظاهر المدونة عدم الشرط قال في ضيح وكذا ذكر ابن رشد أن ظاهر المدونة جواز التحري وإن لم تدع إليه ضرورة اهـ.
قلت: وبعد أن ذكر ابن رشد هذا عن ظاهر المدونة قال ما نصه وهذا في المبايعة والمبادلة ابتداء وأما من وجب له على رجل وزن من طعام لا يجوز فيه التفاضل فلا يجوز له أن يأخذه منه تحريًا إلا عند الضرورة بعدم الميزان على ما قاله في نوازل سحنون من جامع البيوع اهـ.
(وفسد منهي عنه إلا لدليل) قول ز أو على إن بيعا خاصًّا لا ينقض مع قوله بعده فالمنهي عنه ثلاثة أقسام فاسد ينقض أو لا ينقض بعد وقوعه الخ فيه نظر إذ لا يجتمع الفساد وعدم النقض من غير فوات لأن عدم النقض هو دليل الصحة وأن الصحة عند أهل الأصول في المعاملات مفسرة بترتب آثارها عليها كترتب الملك على البيع والفساد فيها هو عدم ترتب آثارها عليها كما أفاده ابن التلمساني والقرافي وابن عرفة وحينئذٍ قام الدليل على إمضائه وترتب آثاره عليه من غير فوات فهو صحيح لا فهو الفاسد قال في شرح التنقيح وآثار العقود هي التمكن من البيع والهبة والأكل والوقف وغير ذلك اهـ.