إحداهما: بيع فلوس بفلوس فيجوز أن استوى عدد كل فإن اختلف منع ولو عرف وزن كل.
ثانيتهما: بيع تور بفلوس فيجوز أن علم عددها ووزنه وكذا إن جهل وزنه لكن وجدت شروط الجزاف فيجوز وإن لم يكثر كثرة تنفي المزابنة لنقل الصنعة له فإن لم توجد شروطه منع كما لو جهل عدد الفلوس ووزن التور (وككالئ) أي بيع دين (بمثله) مهموز من الكلاءة بكسر الكاف وهي الحفظ واستشكل بأن الدين مكلوء لا كالئ وإنما الكالئ صاحبه لأن كلا من المتبايعين يكلأ صاحبه أي يحرسه لأجل ماله قبله ولذا وقع النهي عنه لإفضائه للمنازعة والمشاجرة أجيب بأنه مجازًا ما في المفرد فأطلق الكالئ على المكلوء لعلاقة الملازمة أي ملازمة كل للآخر إذ يلزم من الحافظ المحفوظ وعكسه كدافق أي مدفوق وأما في الإسناد وهو إسناد الشيء لغير ما هو له لعلاقة الملابسة كعيشة راضية أي راض صاحبها فهي مرضية له فالمعنى كمالئ صاحبه فهو مكلوء له فهو مجاز عقلي وأما من مجاز الحذف أي بيع مال كالئ بمال كالئ وتقدير مال على هذا الأخير وبيع عليه وعلى الأولين ولما كانت حقيقته تشتمل على ثلاثة أقسسام اثنان ممنوعان قطعًا وهما فسخ الدين في الدين وبيع الدين بالدين وثالثها جائز وهو ابتداء الدين بالدين كما يأتي في بيوع الآجال وأما الثالث هنا الممنوع ففي شيء خاص كما يأتي بدأ بأشدها لأنه ربا الجاهلية كأن يقول رب الدين لمدينة أما أن تقضيني ديني وأما أن تربي لي فيه فقال: (فسخ ما في الذمة) أي ذمة المدين (في مؤخر) قبضه عن وقت الفسخ حل الدين أم لا إذا كان المؤخر من غير جنسه كمن جنسه حيث كان أكثر فإن كان مساويًا أو أقل جاز إلا أن يكون طعامًا من بيع أو نقدًا لما فيه من بيع الطعام قبل قبضه والبدل المؤخر وفي إطلاق الفسخ على المؤخر من جنسه وهو مثله تجوّز لأنه لم يدخل في قوله: فسخ إذ حقيقته الانتقال عما في الذمة إلى غيره فانتقاله إلى مثله ليس بفسخ وكذا انتقاله إلى دونه إذ هو حطيطة.
تنبيه: دخل في كلام المصنف ما إذا أخذ منه في الدين شيئًا ثم رده له بشيء مؤخر
ــ
قلت كان الشيخ مس رحمه الله وغيره من المحققين يذكر أن هذا إنما هو في الفلوس التي كانت في القديم لأنها كانت قطعًا من نحاس من غير كبير صنعة فيها وأما فلوس وقتنا فصنعتها كبيرة لأنها منقوشة فيجوز بيعها بالنحاس كالأواني وقول ز أكثر أحدهما كثرة تنفي المزابنة أم لا الخ إنما منع هذا مع تبين الفضل لمنع الجزاف في الفلوس على المشهور كما تقدم عند ز في قوله ونقد أن سك الخ لا للمزابنة لقوله وجاز إن أكثر (فسخ ما في الذمة في مؤخر) قال المتيطي فمن كان له قبل رجل دين من بيع أو قرض فلا يجوز أن يأخذ عنه قبل محل أجله ولا بعده سلعة معينة يتأخر قبضها ساعة إلا بقدر ما يلج البيت فإن كان طعامًا فيقدر ما يأتي بحمال أو مكيال فإن كان كثيرًا وغابت الشمس من قبل استيفائه استوفاه من الغد قال أشهب: ولو تمادى ذلك شهرًا لكثرته لم يضره إذا اتصل أخذه فإن انفصل وطال ذلك فقال ابن المواز يرد ما أخذ ويرجع إلى دنانيره اهـ.