وعروض وأما المثلى والعقار فلا يفتيهما تغير السوق على المشهور وظاهره ولو اختلفت الرغبة فيهما باختلاف الأسواق (وبطول زمان حيوان) ولو آدميًّا (وفيها شهر) فوت (وشهران) ليسا بفوت هذا مراده وإلا لم يكن له فائدة مع ما قبله ولم يصح قوله: (واختار أنه خلاف) معنوي (وقال بل في شهادة) أي مشاهدة أي في حال أي أنه خلاف لفظي لا معنوي فالمحل الذي فيه الشهر فوت في حيوان صغير والذي قال فيه الشهران ليسا بفوت في حيوان ليس مظنة للتغير في شهرين كإبل وبقر واعلم أن المحل الذي في المدونة أن الشهرين ليسا بفوت قال فيه أن الثلاثة ليست بفوت أيضًا فكان ينبغي للمصنف أن يقول وشهران أو ثلاثة أو يقول بعد قوله: وشهر وفيها ثلاثة ويستفاد منه الشهران بطريق الأولى إذ ما ذكره يدل على أن الثلاثة فوت باتفاق المحلين وليس كذلك واعلم أيضًا أن كلام المصنف كالمدونة في طول ليس فيه تغير ذات ولا سوق كما يدل عليه كلامه لذكره تغير السوق قبل وتغير الذات فيما يأتي وكما يدل عليه اللخمي والمازري وبهذا يتبين أن اعتراض المازري على اللخمي غير ظاهر لأن في كلام اللخمي ما يدل
ــ
(وقال بل في شهادة) نص كلام المازري بعد ذكر ما في الموضعين من المدونة اعتقد بعض أشياخي أنه اختلاف قول على الإطلاق وليس كذلك إنما هو اختلاف في شهادة بعادة لأنه أشار في المدونة إلى المقدار من الزمان الذي لا يمضي إلا وقد تغير الحيوان فيه فتغيره في ذاته أو سوقه معتبر اتفاقًا وإنما الخلاف في قدر الزمان الذي يستدل به على التغير فقال ابن عرفة في رده على اللخمي تعسف واضح لأن حاصل كلامه أن الخلاف إنما هو في قدر الزمان الذي هو مظنة لتغيره لا في التغير وهذا هو مقتضى كلام اللخمي لمن تأمله وانصف اهـ.
والصواب أن مراده اتفاق كلام اللخمي والمازري على أنه خلاف في شهادة لأنهما يتفقان على أن ما هو مظنة لتغير الحيوان فوت قطعًا وأن الخلاف بين الموضعين في الشهر إلى الثلاثة هل هو مظنة للتغير فيكون فوتًا أو لا فلا يكون فوتًا وفهم بعضهم أن مراد ابن عرفة أن الخلاف حقيقي عند اللخمي والمازري وفيه نظر يتبين بما قيده بعض شيوخ شيوخنا في الفرق بين الخلاف في حال والخلاف في شهادة من أن الأول يقال حيث يكون للشيء حالان فيقول القائل بجوازه باعتبار إحدى الحالتين وهي الحاضرة في ذهنه حين القول ويقول الآخر بمنعه باعتبار الحالة الأخرى لأنها هي التي حضرت في ذهنه حينئذٍ ولو حضر في ذهن كل واحد من القائلين ما حضر في ذهن الآخر لوافقه فهذا ليس بخلاف في الحقيقة وأن الخلاف في شهادة يقال حيث يكون القول من كل منهما مرتبًا على إحدى الحالتين وهو مع ذلك ينفي الأخرى ومثلوا لهما بالمال المجعول في الفم اختلف في التطهير به فإن كان هذا الخلاف من أجل أن الماء قد ينضاف بذلك وقد لا فمن منع تكلم على حال الإضافة ومن أجاز تكلم على حال عدمها وكل يسلم وقوع الحالين فهو خلاف في حال وإن كان هذا الخلاف من أجل أن القائل بالمنع يرى أنه ينضاف ولا بد ولا يمكن بمجرد العادة عدم إضافته والقائل بالجوازيري نقيض هذا فهو خلاف في شهادة اهـ.