لأنه أمينه ويضمنه المدين عبد الحق وقرينة الإرسال أن يدفعه له ابتداء ولا يشترط براءته منه فضمانه حينئذ من الغريم وبقي من وجوه القبض الخمسة التي ذكرها الرجراجي فذكر الأربعة التي قررنا المصنف بها والخامس قبضه على وجه الوكالة ووافقه الطالب عليها فيبرأ الضامن فقط كما يستفاد من قول المصنف في الوكالة ولو قال غير المفوض قبضت وتلف برئ ولم يبرأ الغريم إلا ببينة اهـ.
ويمكن شمول قوله لا أرسل به لهذا الخامس أيضًا إذ قوله لا أرسل به أي حقيقة بأن تطوع له بالدفع كما مر أو حكمًا بأن دفعه له على وجه الوكالة فاشتمل كلامه على الأوجه الخمسة فإن نازعه الطالب في الموكل فسيأتي أن القول قول الموكل وحكى الرجراجي في ذلك قولين ولو اختلفا في الاقتضاء والإرسال فالقول للكفيل أنه على الرسالة عند أشهب وهو ظاهر المدونة ولو عرى الأمر عن القرائن ومات الكفيل أو الأصيل فهل يحمل على الرسالة أو الاقتضاء قولان وليس للطالب بيع طعام بمجرد قبض الكفيل على وجه الاقتضاء أو الرسالة لأنه ليس بوكيل له ففيه بيع الطعام قبل قبضه ولما ذكر أن للكفيل طلب المستحق بتخليصه عند الأجل إن سكت أو أخره وله أن لا يرضى بتأخيره شرع في جلب كلام البيان حيث قال وإذا أخر الطالب الغريم فلا يخلو إما أن يكون مليئًا أو معدمًا فإن كان معدمًا فلا كلام للحميل باتفاق وإليه أشار بقوله (ولزمه) أي لزم الضامن (تأخير ربه) أي الدين المدين (المعسر) لوجوب إنظاره والتأخير رفق بالحميل ابن رشد وإن كان الغريم موسرًا فلا يخلو من ثلاثة أوجه أن يعلم ويسكت أو لا يعلم حتى يحل الأجل الذي انظره إليه أو يعلم فينكر أشار إلى الوجه الأول بقوله (أو) تأخير
ــ
وجوه القبض الخمسة التي ذكرها الرجراجي فذكر الأربعة التي قررنا المصنف بها الخ هذا غير صواب إذ ليست الوجوه الأربعة المتقدمة في كلامه هي الوجوه عند الرجراجي كما زعمه بل الوجوه الخمسة عنده هي القبض على وجه الاقتضاء أو على وجه الإرسال أو على وجه الوكالة الرابع تنازعهما في وجه القبض هل على الاقتضاء أو الإرسال الخامس إذا عرى القبض عن القرائن ومات الكفيل والأصيل هل يحمل على الاقتضاء أو الإرسال انظر بسط كلامه في ح فقول المصنف رحمه الله إن اقتضاه يعني أو تنازعا فقال المدين اقتضاء وقال الضامن رسالة فالقول للمدين وكذا لو أنبهم الأمر وقوله لا أرسل به أي حقيقة أو حكمًا بأن يقبضه على وجه الوكالة من رب الدين هذا تقرير كلام المصنف وأما الثلاثة الأول في كلام ز فإنما تكلم الرجراجي على الأول والثالث منها وجعلهما قسمًا واحدًا وذكر ح الثاني عن غيره وذكر المتيطي الثلاثة فقال ما نصه فإن أخذ الكفيل الطعام من الغريم ليؤديه إلى المسلم فتلف عنده فإن كان أخذه إياه على وجه الرسالة لم يضمن قال محمَّد عن ابن القاسم ويقبل قوله في تلفه إلا أن يتهم فيحلف وإن كان على وجه الاقتضاء ضمن سواء ثبت تلفه ببينة أو لم يثبت كان مما يغاب عليه أم لا قضاء ذلك الغريم متبرعًا أو باقتضاء من الكفيل بقضاء سلطان أو غيره قال محمَّد عن ابن القاسم لأن ذلك من السلطان إن قضى به خطأ اهـ.