الصياغة المحرمة لا يجوز بقاؤها كذا ينبغي (أو غصب منفعة فتلفت الذات) فلا يضمن قيمة الذات وإن كان يضمن قيمة المنفعة أي قيمة ما استولى عليها منها ولو جزءًا يسيرًا من الزمن كغصبه دابة أو دار القصد انتفاعه بها فقط كركوب وسكنى من غير قصد تملك الذات فتلفت بسماوي لا سبب للمتعدي فيه وبهذا فارقت مسألة تعدي المستعير والمستأجر إذا زاد في المسافة فالغاصب يضمن السماوي دون المتعدي على المعتمد خلافًا لمناقضة ابن عبد السلام مسألة التعدي بالسكنى لمسألة التعدي بالركوب للفرق بأن الهلاك زمن التعدي بالركوب لا يعلم كونه بغير سبب التعدي بحال والهدم يعلم كونه بلا سببه فإن قيل ينبغي أن تتفق المسألتان على الضمان عند علم كونه بسببه وعلى عدمه عند علم كونه بلا سببه فالجواب أن علم العدم ممكن في السكنى وغير ممكن في الركوب (أو) غصب طعامًا فقدمه لربه و (أكله مالكه ضيافة) أو بغير إذن الغاصب أو أكرهه على أكله فلا ضمان على الغاصب قال في الذخيرة وكيف يليق أن ينتفع الإنسان بطعامه ويضمنه لغيره اهـ.
وسواء علم مالكه أنه له أم لا لأن ربه باشر إتلافه والمباشر مقدم على المتسبب إذا ضعف السبب كما مر وهذا مقيد بما إذا كان ذلك الطعام يناسب حال مالكه وإلا ضمنه الغاصب لربه ويسقط عنه من قيمته الذي انتفع به ربه أن لو كان من الطعام الذي شأنه أكله قاله ابن عبد السلام بلفظ ينبغي كما إذا كان الطعام يساوي عشرة دنانير ويكفي مالكه من الطعام الذي يليق به نصف دينار فإن الغاصب يغرم له تسعة دنانير ونصفًا وينبغي إذا أكله بغير إذنه أن يقيد بما إذا أكله قبل فوته عند الغاصب ولزومه قيمته والأرجح على الآكل بقيمته لأنه أكل ملك الغاصب ويرجع هو عليه بقيمة المغصوب وقد تختلف القيمتان أشار له د (وأنقصت) السلعة المغصوبة بمعنى نقصت قيمتها (للسوق) أي لأجل تغيره من غير تغير ذاتها فيأخذها ربها ولا شيء له لعدم اعتبار تغير السوق في هذا الباب بخلاف المستأجر والمستعير ولعل الفرق أن جعل حوالة السوق هنا مفيتة فيه إعانة للغاصب على ما قصده من ملك الذات والمستأجر والمستعير إنما تعديا على المنفعة ولم
ــ
وهو تحريف فاسد إذ القيد المذكور مرتب على قول أشهب إن عليه صوغه لا على قول ابن القاسم الذي هنا قال طفى وفي بعض نسخ تت وقال أشهب يصوغه وهذا إذا قدر الخ ولعله إصلاح اهـ.
(أو غصب منفعة فتلفت الذات) فرض ابن الحاجب هذا في سكنى الدار قال ابن عبد السلام وهو حسن لو طردوه ولكنهم جعلوا المتعدي على الدابة في الكراء والعارية ضامنًا للذات قال ولا يفرق بينهما بالنقل في الدابة دون الدار لأن أهل المذهب جعلوا النقل في المغصوب وصفًا طرديًّا فلا يعتبر اهـ.
وعارض ابن عرفة كلام ابن الحاجب أيضًا بأنه خلاف ما نقله ابن شاس عن المذهب إذ قال فأما لو غصب السكنى فقط فانهدمت الدار إلا موضع سكناه لم يضمن ولو انهدم مسكنه لغرم قيمته اهـ.