مع الفضل فالحاصل أن هبة الثواب كالبيع في أكثر الحالات فيما يحل ويحرم من عوضها إلا أنه إنما يجوز فيها في العين بأكثر حيث جرى به عرف كما قال القابسي وقولي في أكثر الحالات أي لأنها تخالفه في أقلها وذلك في ستة أمور جوازها مع جهل عوضها عقدها وأنه لا يلزم عاقدها الإيجاب والقبول ولا تفيتها حوالة السوق وعوضها إنما يلزم بتعيينه ويجوز مع جهل أجل لعوض ولا يجوز تعويضها بأكثر من قيمتها إلا لعرف فقول المصنف القيمة أي أو أكثر حيث جرى به العرف كما بمصر ففي المشذالي سئل القابسي عن الذي يهب للثواب فيثيبه الموهوب أكثر من قيمتها فيقول الواهب لا أقبل إلا القيمة ولا أرضى أن يكون لك عليّ فضل ويقول الموهوب له لا أثيبك إلا بأكثر ولهذا وهبتني فقال القابسي يجبر على أخذ الفضل قيل له فلو حلف كل بالطلاق قال يحنث الواهب لأن هبات الناس على ذلك اهـ.
وعرف مصر كذلك في الغالب فإن لم تكن هباتهم على ذلك لم يعمل بقول الموهوب.
تنبيه: جميع ما مر في الهبة الصحيحة قائمة فإن فاتت لزم فيها القيمة ويقضي عنها بما يقضي به ثمن المبيع من العين وأما الفاسدة فترد أن كانت قائمة فإن فاتت لزم عوضها مثل المثلى وقيمة المقوم واستثنى من لزوم الواهب القبول فقال: (إلا) أن يثيب الموهوب الواهب (كحطب) وتبن ونحوهما مما لم يجر العرف بدفعه في مقابلة ما وهبه لثواب (فلا يلزمه قبوله) فإن جرى بإثباته عرف لزم قبوله (وللمأذون) له في التجارة الهبة لثواب من ماله (وللأب من مال ولده) المحجور عليه (الهبة للثواب) لا لغيره فلا يجوز وليس له إبراء من مال ولده مجانًا وليس الوصي كالأب في جواز هبته لثواب كما قدم في باب الحجر وقوله وللمأذون خبر مقدم وللأب عطف عليه وأعاد اللام فيه لاختلاف المتعلق إذ العبد يهب من ماله والأب من مال ولده والهبة مبتدأ مؤخر (وإن قال) قائل (داري صدقة) أو هبة أو حبس ووقع ذلك (بيمين) أو نذر لامتناع من أمر لأنه يمين فالمراد باليمين ما التزمه مما فيه حرج ومشقة لا اليمين الشرعية (مطلقًا) على المساكين أو على شخص بعينه كقوله والله لأتصدقن بداري أو أهبها أو أحبسها على الفقراء أو على زيد المعين أو والله لأتصدقن بها على من ذكر إن فعلت كذا وفعله أو عليّ نذر إن فعلت كذا وفعله (أو) قال ما ذكر (بغيرها) أي بغير يمين (ولم يعين) أي لم يجعله على معين بل قال داري صدقة أو
ــ
تعبيره بالجواز غير صحيح وصوابه ولا يلزم لكن لا فرق حينئذٍ بينها وبين البيع (وإن قال داري صدقة بيمين مطلقًا) قول ز كقوله والله لأتصدقن بداري الخ فيه نظر بل ليس هذا هو المراد باليمين هنا لأن هذا ومحمد بالصدقة وهو إخبار كما يأتي والكلام هنا فيما يفيد إنشاء الصدقة وإنما المراد باليمين هنا مجرد التعليق كان فعلت كذا فداري صدقة وإنما المراد باليمين هنا مجرد التعليق كان فعلت كذا فداري صدقة لا اليمين المتعارفة قاله ابن عاشر رحمه الله اهـ.