معناه أنه يجب عليه أن لا يذكر جنسها (ودفعت لحبر) بكسر الحاء أفصح كما قال الجوهري من فتحها ونحوه مفاد القاموس وصدر بالفتح عياض في المشارق قائلًا إنه رواية المحدثين واقتصر عليه ثعلب وهو عالم الذمة وقد يطلق على عالم المسلمين كقول أبي موسى الأشعري في حق ابن مسعود لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم (إن وجدت بقرية ذمة) أي ليس فيها إلا أهل الذمة كما في عبارتهم وظاهر المصنف سواء كان ذلك الحبر من المحل الذي وجدت فيه اللقطة أم لا والظاهر أن الدفع له مندوب إذ له أن يعرفها بنفسه ولم يجب عليه لئلا يكون فيه خدمة لأهل الذمة فإن لم يكن لها حبر فانظر هل تدفع لراهبهم أي عبادهم أو للسلطان (وله حبسها بعدها) أي السنة (أو التصدق) بها عن نفسه أو عن ربها (أو التملك) وتخييره في هذه الثلاث (ولو) كانت اللقطة (بمكة) خلافًا لقول الباجي كالشافعي لا تستباح لقطتها بعد سنة ويجب تعريفها أبد الخبر لا تحل ساقطتها إلا لمنشد قائلين لأن الاستثناء معيار العموم ولذكر هذه الجملة بعد جمل لا تحل فيها أبدًا وهي لا ينفر صيده ولا يختلي خلاه أي لا يقطع حشيشه ولا يعضده شوكه والأصل تجانس المعطوفات في النفي الأبدي وأجاب المشهور بأن تخصيصه عليه الصلاة والسلام بمكة لوجود اللقطة بها كثيرًا في الحرم بسبب اجتماع الناس فيه من كل فج للنسك والغالب أن الحاج من أهل الآفاق لا يعود لطلب اللقطة فكأن الآخذ لها آخذ لنفسه فخص عليه الصلاة والسلام لهذا المعنى ثم ما ذكره المصنف من التخيير بين الثلاثة في لقطة غير الإِمام وأما في لقطته فليس له إلا حبسها أو بيعها لصاحبها ووضع ثمنها ببيت المال لا التصدق بها أو تملكها ولعل الفرق مشقة خلاص ما في ذمته بخلاف غيره
ــ
إن كان ممن لم يعرف مثله وظاهر لفظ اللخمي أجاز ابن شعبان أن يستأجر عليها منها أنه ولو كان ممن يلي ذلك إذا لم يلتزمه (ودفعت لحبر) كذا وفي الرواية وبحث فيه ابن رشد بإمكان أن تكون لمسلم فكان الاحتياط أن لا تدفع إلى الحبر إلا بعد التعريف بها انظر كلامه في ح (ولو بمكة) ما ذكر من أن لقطة مكة كغيرها لم يحك المازري عن المذهب غيره وعزاه عياض لمالك رحمه الله تعالى وأصحابه ورد المصنف بلو القول بأنه يعرف بها أبدًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحل ساقطتها إلا لمنشد" قاله الباجي وابن رشد عن المذهب ولفظ ابن رشد أقوى منه ونصه في المقدمات لقطة مكة لا يحل إنفاقها بإجماع وعليه أن يعرفها أبدًا قال ابن عبد السلام وبهذا أيضًا قال اللخمي وابن العربي في القبس ابن عرفة لم يذكره اللخمي على أنه المذهب بل على أنه اختاره بعد أن ذكر القول الأول عن ابن القصار وكذلك ابن العربي إنما اختار ما ذكره بعد أن ذكر الأول لمالك وقال تكلم علماؤنا في الاحتجاج لمالك والانفصال عن الحديث ولا أرى مخالفة الحديث ولا تأويل ما لا يقبل وأجابه ابن عرفة بقاعدة مالك في تقديمه العمل على الحديث الصحيح حسبما ذكره ابن يونس في كتاب الأقضية ودل عليه استقراء المذهب قال وقول المازري محمل الحديث على أصلنا على المبالغة في التعريف لأن ربها يرجع إلى بلده وقد لا يعود إلا بعد أعوام حجة عليه لا له اهـ.