المكان بحيث لو أزيل الساتر لكان مسامتًا لها ويسقط عنه طلب اليقين لانتفاء الحرج في الدين كما لو كان بغيرها لأنه إنما يفيد ظنًّا ومنعه ولا بد من تيقن أن مكانه مسامت لها لأن القدرة على اليقين تمنع الاجتهاد (نظر) أي تردد والراجح الثاني فلو قال وإن شق لجرى على الأرجح فإن قلت سيذكر أن وجوب القيام يسقط بالمشقة مع أنه ركن قلت قد يفوق الشرط الركن في القوة كما هنا وكالاستقبال في النافلة فإنه شرط كالفريضة والقيام إنما يجب في الفريضة (وإلا) يكن بمكة بل بغيرها وغير ما ألحق بها وبغير المدينة وجامع عمرو بالفسطاط (فالأظهر جهتها) أي الواجب استقبالها وهو قول الأبهري لا سمت عينها بالاجتهاد أيضًا كما يقول ابن القصار بأن يقدر أنها بمرآهم لو كانت بحيث ترى وإن الرائي يتوهم المقابلة والمحاذاة وإن لم يكن كذلك في الحقيقة وليس المراد عنده أنه يجتهد في أن يحاذي بناء الكعبة فإن ذلك تكليف ما لا يطاق ويلزم عليه عدم صحة صلاة الصف الطويل فإن الكعبة طولها خمسة وعشرون ذراعًا وعرضها عشرون والإجماع على خلافه كما في التوضيح ونحوه في د وينبني على القولين لو اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يعيد في الوقت ندبًا وعلى مقابله أبدًا كما هو مذهب الشافعي وبهذا علمت أنه فرق بين اجتهاد من بها وشق على القول به وبين اجتهاد من ليس بها على الأظهر ومقابله فإن اجتهاد من بها معناه ولو أزيل الساتر كان مسامتًا لها والاجتهاد في غيرها وغير ما ألحق بها فمعناه على المشهور الاجتهاد في استقبال جهتها فقط ولا يلزم منه تقدير مسامتتها بتقدير زوال الساتر بل تقدير أنها لو نقلت أمام المصلي لجهتها من أي مكان لكان مواجهًا لها وبهذا علم صحة صلاة الصف الطويل بغير مكة قاله ابن حجر الهيتمي وغالبه في تت وصحة صلاة الصف المستطيل أي بغير مكة من المشرق إلى المغرب محمول على انحراف فيه أو على أن المخطيء فيه غير معين لأن صغير الجسم كلما زاد بعده اتسعت مسامتته كالنار الموقدة من بعد وغرض الرماة أي وكقصبتي شبكة صياد فاندفع ما قيل يلزم أن من صلى بإمام بينه وبينه أزيد من سمت الكعبة أن لا تصح صلاته اهـ.
ــ
بعض المتأخرين في جواز اقتصاره على الاجتهاد ونحوه قول ابن الحاجب فإن قدر بمشقة ففي الاجتهاد تردد اهـ.
قاله طفى أما العاجز الذي لا يقدر فيجتهد في المسامتة جزمًا كما سيأتي (وإلا فالأظهر جهتها) قال غ ظاهره إن هذا الاستظهار لابن رشد ولم أجده له لا في البيان ولا في المقدمات وإنما وجدته لابن عبد السلام وهو ظاهر كلام غير واحد اهـ.
وأجاب تت بأن ابن رشد في المقدمات اقتصر عليه ففهم المصنف من ذلك أنه الراجح عنده وفي خش أن الاستظهار وقع لابن رشد في قواعده الكبرى فانظره وقول ز بأن يقدر أنها بمرآهم الخ هذا هو الذي استظهره في ضيح جوابًا عن بحث عز الدين بن عبد السلام بأن من بعد عن مكة لا يقول فيه أحد إن الله أوجب عليه الكعبة ومقابلتها فإن ذلك تكليف بما لا يطاق اهـ.