واختار الباجي وسند وابن العربي أفضلية البداءة بالفريضة مع اتساعه أيضًا وأخذه بعضهم من قول المدوّنة من دخل مسجدًا قد صلى أهله فجائز أن يتطوّع قبل المكتوبة إذا كان في بقية من الوقت وكان ابن عمر يبدأ بالمكتوبة فكأنه قال والأولى البداءة بالمكتوبة لفعل ابن عمر اهـ.
قلت قد يمنع استفادة ذلك منها وبفرض تسليمه كان يقال قولها وكان ابن عمر الخ لا يتقيد بفرض المدوّنة فقد قال المصنف عقب ما فيها وينبغي أن يقيد هذا بما إذا كانت الصلاة يجوز النفل بعدها بخلاف العصر والصبح اهـ.
وعلى اختيار الباجي ومن وافقه فإنما تطلب الرواتب القبلية لمن ينتظر جماعة لا لفذ ولا لمن لا ينتظرها وعليه يحمل قوله في الوقت المختار والأفضل لفذ تقديمها مطلقًا فلا تعارض بينه وبين ما هنا وتقدم ذلك أيضًا (كـ) ـقبل (عصر بلا حد) بعدد خاص بحيث تكون الزيادة عليه أو النقص عنه مفوتًا للمطلوب قبل الفرائض أو بعدها وإنما ذكر التحديد أبو محمد تبركًا بالوارد في أربع قبل الظهر وبعدها وأربع قبل العصر لا على وجه التحديد وإن كان هذا العدد هو المطلوب دون غيره ولا يخفى أن ما كثر من الطاعة يزيد ثوابه على ما دونه والأعداد الواردة في الأحاديث ليست للتحديد بل للفضل الخاص المرتب عليها كما علمت وفي المدخل وينبغي له أي لطالب العلم أن يشد يده على مداومته على فعل السنن والرواتب وما كان منها تبعًا للفرض قبل أو بعد وإظهارها في المسجد أفضل من فعلها في بيته كما كان عليه الصلاة والسلام يفعله عدا موضعين منها كان لا يفعلهما إلا في بيته بعد الجمعة وبعد المغرب أما بعد الجمعة فلئلا يكون ذريعة لأهل البدع أي الذي يحدثون بعده ولا يرون صحة صلاة الجمعة إلا خلف إمام معصوم وأما بعد المغرب فشفقة عند صومه على أهله لئلا ينتظروه بالعشاء انظر ح وسكت المصنف عن نافلة العشاء قبل صلاتها وبعدها وفي اللمع هي كالظهر كما في د وقال بعضهم لم يرد عن مالك وأصحابه في التنفل قبل العشاء شيء وما قاله صاحب اللمع من عند نفسه وقال زروق لم يرد شيء معين في النفل قبل العشاء إلا عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - بين كل أذانين صلاة والمراد الأذان والإقامة والمغرب مستثناة اهـ.
فرع: وإذا نوى النفل أربعًا فله أن يسلم من ركعتين وإذا أفسده وقد نواه أربعًا فإن أفسده قبل عقد الثالثة قضاه ركعتين وبعده قضاه أربعًا قاله عج وقوله قضاه ركعتين أي فقط لا ركعتين ثم ركعتين عملًا بنيته لأنه لما لم يكن له التنفل بأربع اقتصر في القضاء على ركعتين وإن خالف نيته وهذا يوافق قوله كنفل لم يعقد ثالثته وإلا كمل أربعًا وقد يقال ما مر فيما إذا كان نوى اثنتين فقط واستفيد من هذا أن النفل المفسد عمدًا يجب قضاؤه وبه صرح ابن الحاجب فقال وإن قطع نافلة عمدًا لزمه إعادتها بخلاف المغلوب قال في التوضيح لزمه إعادتها لأنها وجبت بالشروع عندنا ولا عذر له اهـ.