حالًا فلذا لم يعطفه بالواو اختصارًا فقال (باستيطان بلد) والباء للمعية متعلقة بمحذوف حال فلم يتعلق بعامل واحد حر فاجر متحدًا للفظ والمعنى كما في د وأراد المصنف بلدها فالتنوين عوض عن مضاف إليه أي شرط صحتها استيطان من تنعقد به لبلدها التي تقام فيها وأما استيطان بلد غيرها قريبة منها كفرسخ من المنار فشرط في وجوبها كما يأتي ولا تنعقد به فما هنا فيمن تصح به وتنعقد وما يأتي فيمن تجب عليه ولا تنعقد به ولا يضر في ذلك المبالغة الآتية في قوله وإن بقرية نائية لأنه يقدر قبلها بقرية خارجة غير نائية بكفرسخ والاستيطان نية المقام على التأييد قاله بعضهم قاله د (أو أخصاص) جمع خص وهي البيوت المهيأة من قصب ونحوه لعدم انتقالهم غالبًا فأشبهت البنيان ولو انتقلوا عن موضعهم بعد مدة طويلة إلى قريب منه وبنوا به أخصاصًا وسكنوها فتجب عليهم أيضًا وتنعقد بهم لأن انتقالهم إنما هو لما يحصل في محلهم من الأوساخ بالفضلات ويشترط اتصال بنيان بيوت من تجب عليهم ولو حكمًا كتفرقها بحيث يرتفق بعضهم ببعض في ضرورياتهم والدفع عن أنفسهم ولو كان الاتصال من بعض الجوانب كمدفن الشافعي وإمام الليث والسادات وابن الفارض فإن فيها اتصالًا إذ يعتبر البناء ولو خرب فإن انتفى ما تقدم لم تجب على من يكمل عنده العدد كدور خربة ودور جبال العرب (لا) تصح باستيطان كبيوت (خيم) من قماش ويشبهها بيوت الشعر لأن الغالب على أهلها لارتحال فأشبهت السفن نعم تجب عليهم إن كانوا مقيمين على كفرسخ من منار قرية جمعة تبعًا
ــ
(باستيطان بلد) قول ز وأما استيطان بلد غيرها الخ أشار بهذا إلى دفع ما ورد على المصنف من أن الاستيطان شرط وجوب كما يأتي وذكره هنا أثناء شروط الصحة يقتضي أنه منها وليس كذلك وما ذكره في جوابه في غاية التكلف والركاكة والذي أجاب به طفى هو أن المصنف لم يذكره هنا على سبيل الشرطية وإنما مراده إنها تجب باستيطان البلد والإخصاص الخ اهـ.
وهو غير ظاهر أيضًا والظاهر في الجواب أن كلامه هنا من إضافة الصفة للموصوف وأن الباء بمعنى في وهي متعلقة بوقوع أي وقوعها في بلد مستوطنة وينبني عليه كما في ابن الحاجب أنه لو مرت جماعة بقرية خالية فنووا الإقامة شهرًا فصلوا بها الجمعة لم تصح لهم كما لا تجب عليهم حينئذ فهو شرط وجوب وصحة بخلاف ما يأتي من اشتراط كون المصلي في نفسه متوطنًا فهو شرط وجوب فقط ولا يقال إن البلد المستوطنة لا تطلب من المكلف فلا تكون شرط صحة لأنا نقول قد مر آنفًا أن ما هو شرط في الوجوب والصحة من قسم ما لا يطلب من المكلف فتأمله ونص ابن رشد للجمعة شرائط لا تجب إلا بها وتصح دونها وشرائط لا تجب إلا بها ولا تصح دونها وفرائض لا تصح إلا بها قال فأما الشرائط التي لا تجب إلا بها وتصح دونها فهي ثلاثة الذكورة والحرية والإقامة لأن العبد والمسافر والمرأة لا تجب عليهم الجمعة ولهم أن يصلوها وأما الشرائط التي لا تجب إلا بها ولا تصح دونها فهي ثلاثة أيضًا الإِمام والجماعة وموضع الاستيطان قرية كان أو مصرًا على مذهب مالك اهـ.