والأموة وما أشبه ذلك مما يطول تعداده من المصادر التي لم تؤخذ من الأفعال. ورأينا في كلامها أيضاً مصادر جارية على غير ألفاظ أفعالها، نحو الكرامة والعطاء وما أشبه ذلك، علمنا أنه ليست الأفعال أصولاً للمصادر إذ كانت المصادر توجد بغير أفعال، وعلمنا أن المصادر هي الأصول فمنها ما أخذ منه فعل، ومنها ما لم يؤخذ منه فعل. وهذا بين واضح.
دليل آخر للبصريين. كان أبو بكر بن السراج يستدل به. قال: لو كانت المصادر مأخوذة من الأفعال جارية عليها، لوجب ألا تختلف كما لا تختلف أسماء الفاعلين والمفعولين الجارية على أفعال، نحو ضارب ومضروب وشاتم ومشتوم ومُكرِم ومُكرَم وما أشبه ذلك مما لا ينكسر. ورأينا المصادر مختلفها أكثر مما جاء منها على الفعل، كقولنا شرب شُرباً وشَربا ومشربا وشرابا وعدل عن الحق عدلا وعُدولا وما أشبه ذلك، علمنا أنها غير جارية على الأفعال وأن الأفعال ليست بأصولها
دليل آخر للبصريين. قال بعض أهل النظر منهم، الدليل على أن المصدر أصل الفعل، أنه يوجد لفظه وحروفه في جميع أنواع الفعل كيف صرف، كقولنا خرج يخرج وأخرج واستخرج ويخارج. وقتل يقتل وقاتل وتقتل واستقتل، فلفظ المصدر الذي هو أصله موجود فيه في جميع فنونه فعلمنا أنه أصله ومادته. ألا ترى أن الفضة أصل لجميع ما يصاغ منها، فهي موجودة المعنى فيه، فإن صغت كوزاً أو إبريقا أو خاتما وقُلبا وخلخالا وغير ذلك فمعناها موجود في جميع ما يصاغ منها، وليس معاني ما يصاغ منها موجوداً فيها مُفردة، فكذلك معنى المصدر موجود في جميع الأفعال المشتقة منه وليس معنى فعل واحد منها موجوداً في المصدر