فالأمر في ذلك ليس بالسهل ولهذا قال سفيان بن عيينة رحمه الله:((الحديث مضلة إلا للفقهاء)) , ويروي:((إلا للعلماء)) , يريد من قذف الله تعالى في قلبه نور العلم؛ فقه في دينه, وعرف مخارج الأحاديث, وليس العلم بكثرة الرواية كما قال مالك بن أنس رحمه الله وقد تقدم والله أعلم.
فصل:
هذه الفصول التي ذكرناها فصول حسنة كثيرة الفوائد, مجموعة من عدة مصنفات, ينبغي لكل من يعتني بالعلم النظر فيها والاطلاع عليها, وقد رأيت أن أختمها بفصل هو أهمها وأجلها وأعمها نفعا وأولاها ذكرا, وهو ما اعتنى ببيانه الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في أول كتاب "الأحياء" من نصح أهل العلم وبيان العلوم النافعة والتحذير من العلوم الضارة حيث قال:
((أدلة الطريق هم العلماء, الذين هم ورثة الأنبياء, وقد شغر عنهم الزمان, ولم يبق إلا المترسمون وقد استحوذ على أكثرهم الشطان, واستغواهم الطغيان, وأصبح كل واحد بعاجل حظه مشغوفا, فصار يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا, حتى ظل علم الدين مندرسا, ومنار الهدى في أقطار الأرض منطمسا, ولقد خيلوا إلى الخلق أن لا علم إلا فتوى حكومة يستعين بها القضاة على فصل الخصام عند تهاويش الطغام, أو جدل يتذرع به