((وتصرفوا في لفظ الفقه فخصصوه بمعرفة الفروع الغربية في الفتاوى, والوقوف على دقائق عللها / واستكثار الكلام فيها, وحفظ المقالات المتعلقة بها, فمن كان أشد تعمقا فيها وأكثر اشتغالا بها يقال هو الأفقه. ولقد كان اسم الفقه في العصر الأول مطلقا على علم طريق الآخرة, ومعرفة دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال, وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا, وشدة التطلع إلى نعيم الآخرة, واستيلاء الخوف على القلب. ويدلك عليه قوله تعالى:{ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} , وما به الإنذار والتخويف هو هذا الفقه دون تفريعات الطلاق واللعان والسلم والإجارة, فذلك لا يحصل به إنذار وتخويف, بل التجرد له على الدوام يقسي القلب وينزع الخشية منه كما يشاهد من المتجردين له.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذين وفدوا عليه: ((علماء حكماء فقهاء)).