وكان هارون الرشيد مع محبته للفقه والفقهاء, وميله إلي العلم والعلماء, يكره الجدال في الدين والمراء, ويقول: إنه لخليق أن لا يفتح خيرا.
وفي جامع الترمذي عن أبي يمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل, ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون}. قال هذا حديث حسن صحيح.
جعلنا الله ربنا من القائمين بحقوق العلم العاملين به, المرتفعين في الدنيا والآخرة بسببه, وأوضح لنا به المحجة, ولا جعله علينا حجة, بل كما كان الفقهاء من السلف الصالح أهل نسك وعبادة, وورع وزهادة, أرادو الله بعلمهم, وصانوا العلم / فصانهم, وتدرعوا من الأعمال الصالحة ما زانهم, ولم يشنهم الحرص على الدنيا وخدمة أهلها, بل أقبلوا على طاعة الله تعالى التي خلقوا من أجلها, فاؤلئك الذين عناهم الإمام الشافعي رحمه الله بقوله: ما أحد أورع لخالقه من الفقهاء. وفي رواية: إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما الله ولي.