((ثم بلغ من حرصه - يعني من حرص الشافعي - على إفهام المسترشدين أني سمعت ربيعا يقول: قال الشافعي رحمه الله: " وددت أن الناس نظروا في هذه / الكتب ثم نحلوها غيري "؛ طلبا منه للنصيحة لهم, وأن قصده أنما كان من وضع الكتب وتسييرها في الناس أن يفهموها, ليدلهم البيان فيها على الأرجح من المذاهب التي هي أتبع للكتاب والسنة وما أشبه الكتاب والسنة, تبرأ إلى الله جل ذكره من حوله وقوته, غير ملتمس بها ذكرا ولا في الدنيا شرفا. قال: وهذه صحة النية, ومشكور الطوية, وما يحمد من الصالحين من الضمير والعزيمة)).
قلت:
وعلى هذا المعنى كان وضع الشافعي وغيره من الأئمة الكتب إرشادا للخلق إلى ما ظنه كل واحد منهم صوابا, لا على أنهم أرادوا تقليدهم ونصرة أقوالهم كيفما كانت, فقد صح أن الشافعي رحمه الله نهى عن تقليده وتقليد غيره.
قال صاحبه أبو إبراهيم المزني في أول " مختصره ": ((اختصرت هذا من علم الشافعي ومن معنى قوله لأقربه على من أراده مع إعلاميه نهيه عن تقليده وتقليد غيره؛ لينظر فيه لدينه, ويحتاط لنفسه)).
أي مع إعلامي من أراد علم الشافعي نهي الشافعي عن تقليده وتقليد غيره. هذا أحسن ما أول به هذا الكلام. وانظروا رحمكم الله إلى قوله:((لينظر فيه لدينه, ويحتاط لنفسه)) أي ليسترشد بذلك إلى الحق.