أنه يخرج من صلاته ويتوضأ ويستأنف. فبسط العذر لنفسه في مخالفة الشافعي لأنه منعه من تقليده وتقليد غيره.
قلت:
فالمزني رحمه الله امتثل أمر إمامه في النهي عن تقليده, فخالفه في هذه المسألة لما ظهر له من جهة النظر والرأي, فما الظن به لو وجد حديثا مصرحا بخلاف نصه, فهو إن شاء الله حينئذ كان أشد مبادرة إلى مخالفة نص إمامه, وإن كان في الحقيقة موافقا لا مخالفا لأنه قد أمر إذا وجد الحديث على خلاف قوله أن يترك قوله, فهو إنما ترك قوله بقوله فهو موافق ممتثل للأمر.
وقد فعل هذا صاحبه أبو يعقوب البويطي رحمه الله في مسألة التيمم إلى الكوعين فخالفه وصار إليه كما سيأتي.
وإذا كشفت واعتنيت بهذا وكانت لك همة في التنقيب عنه وعناية بظهور الحق, وجدت جماعة من أهل العلم والتحقيق والمصنفين على مذهب الشافعي رحمهم الله قد نصروا مذهبه, وامتثلوا ما أمر به من مخالفة قوله لحديث يصح الاحتجاج به, وهذا مأمور به من جهة الشارع ولو لم يقله الشافعي.
فذكر كل واحد منهم ما أمكنه مما وصل إليه علمه على قلة ذلك وعزته في كتبهم, وإنما يكثر ذلك في كتب المتضلعين من الحديث الباحثين عن فقهه ومعانيه, الذاكرين لأقوال العلماء ومذاهبهم من غير تقيد, كأبي بكر بن المنذر وأبي سليمان الخطابي وأبي بكر البيهقي وأبي عمر بن عبد البر وغيرهم رحمهم الله.
ونبه صاحب "التهذيب" من أصحابنا وهو أبو علي / الحسين بن مسعود البغوي على مواضع حسنة منها: