للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمات، فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي البخاري (١) ، في قتلى أحد: ولم يغسلوا؛ نذكره فيما بعد.

ومستند من رأى الغَسْل: أن ذلك هو الأصل في موتى المسلمين، وحَمَلوا ما وقع في شهداء أحدٍ على الخصوصية بهم، واستدلوا على صحَّة هذا التأويل بما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لشهداء أحد: «هؤلاء أشهد عليهم» ، ذكره مالك في «موطئه» (٢) مقطوعاً، وأسنده البخاري (٣) وغيره (٤) ، فوصله بمعناه، قالوا: هذا يدل على أنهم ليسوا كغيرهم.

وأما الصلاة على الشهداء: فاختلفوا -أيضاً- في ذلك بنحو هذا المعنى؛ ولاختلاف الروايات -أيضاً- فيه؛

فذهب مالك، والشافعي، والليث، وأحمد (٥) إلى أنه لا يصلَّى عليهم، ودليلهم: ما خرَّج البخاري (٦) ، عن جابر بن عبد الله قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمعُ بين


(١) رقم (١٣٤٦) وقد مضى.
(٢) «الموطأ» (رقم ٤٦٧- ط. إحياء التراث) .
(٣) في «صحيحه» في كتاب المغازي (باب من قتل من المسليمن يوم أحد) (رقم ٤٠٧٩) . وفيه: وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة» . وفي كتاب الجنائز (باب الصلاة على الشهيد) (رقم ١٣٤٣) . و (باب من يقدم في اللَّحد) (رقم ١٣٤٧) . و (باب اللَّحد والشقُّ في القبر) (رقم ١٣٥٣) من حديث جابر -رضي الله عنه-.
(٤) كالترمذي (رقم ١٠٣٦) ، والنسِّائي في «المجتبى» (٤/٦٢) ، وابن ماجه (رقم ١٥١٤) ، وأبي داود (رقم ٣١٣٨ و٣١٣٩) ، وعبد بن حميد (رقم ١١١٩) ، وغيرهم.
(٥) وعنه رواية أخرى أنه يصلَّى عليه، واختارها الخلال من أصحابه، وهو قول سفيان الثوري، وأبي حنيفة -كما سيأتي-. قال ابن قدامة في «المغني» (٣/٤٦٧) : «إلا أن كلام أحمد في هذه الرواية يشير إلى أن الصلاة عليه مستحبة، غير واجبة» . قال في موضع: «إن صُلِّي عليه، فلا بأس به» . وفي موضع آخر، قال: «يُصلَّى عليه» .
وانظر: «كشاف القناع» (٢/١١٣-١١٥) ، و «المقنع» (٦/٩٥-مع «الشرح الكبير» ، و «الإنصاف» ) .
(٦) مضى قريباً.

<<  <   >  >>