للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجلين من قتلى أحدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقول: «أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟» فإذا أشير له إلى أحدهما، قَدَّمه في اللَّحد، وقال: «أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة» ، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يُغسَّلُوا، ولم يُصلِّ عليهم.

وخرَّج أبو داود (١) ، عن أنس، أن شهداء أحد لم يُغسَّلوا، ودُفنوا بدمائهم، ولم يُصلَّ عليهم.

وذهبَ أبو حنيفة وأصحابه (٢) ؛ إلى أنه يُصلَّى على الشهيد، ولا تتركُ الصلاة على مسلم، كان شهيداً أو غير شهيد، وهو قول ابن أبي ليلى، والثوري، والحسن ابن صالح، والأوزاعي، وغيرهم، واستدلوا على ذلك بما وجب في الأصل من الصلاة على من مات من المسلمين، وعارضوا الروايات الواردة في شهداءِ أحدٍ؛ أنهم لم يُصلَّ عليهم برواياتٍ أُخر فيها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على شهداء أحد (٣) ، وفي بعضها أنه صلَّى على حمزة سبعين صلاة (٤) .


(١) في «سننه» في كتاب الجنائز (باب في الشهيد يغسل) (رقم ٣١٣٥) . وهو حديث حسن.
(٢) «الأصل» (١/٤١٠) ، «رؤوس المسائل» (١٩٣) ، «القدوري» (١٩) ، «المبسوط» (٢/ ٤٩) ، «تحفة الفقهاء» (١/٤٠٥) ، «الهداية» (١/٩٤) ، «مختصر الطحاوي» (٤١) ، «اللُّباب» (٢/٤٩) ، «مختصر اختلاف العلماء» (١/٣٩٦-٣٩٨) ، «النتف في الفتاوى» (١/١٢٠) ، «رمز الحقائق» (١/ ٦٧) ، «إعلاء السنن» (٨/٣٠٦) .
(٣) ودليل ذلك حديث عقبة بن عامر، قال: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أُحد بعد ثماني سنين، كالمودّع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر، فقال: «إني بين أيديكم فرط، وأنا عليكم شهيد، وإنَّ موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها» . قال: فكانت آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري في المغازي (باب غزوة أحد) (رقم ٤٠٤٢) ، ومسلم في كتاب الفضائل (باب إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصفاته) (رقم ٢٢٩٦) . وأخرج البخاري نحوه (١٣٤٤ و٣٥٩٦ و٦٤٢٦ و٦٥٩٠) .
(٤) رواه أبو داود في «المراسيل» (٤٦) ، وابن أبي شيبة (٣/١١٦) ، والدارقطني (٢/٧٨) -ومن طريقه ابن الجوزي في «التحقيق» (٤/٢٣٦ رقم ١٠١١) -، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (٥/٧٤٣٥) ، وفي «السنن الكبرى» (٤/١٢) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (١/٢٩٠) ، من طرقٍ عن حصينٍ، عن أبي مالكٍ، قال: كان يُجاء بقتلى أحدٍ، تسعة وحمزة عاشرهم، فيُصلِّي عليهم =

<<  <   >  >>