للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذنه؛ منهم: مالك، والشافعي (١) ، واختلف في ذلك عن الأوزاعي: فرُوِي عنه الجواز والمنع» (٢) .

قلت: وجه ماذهب إليه من كره ذلك إلا بإذن الإمام، هو أن لا يتسارع إلى ذلك الضَّعيف، ومن يغترُّ من نفسه، فربَّما قُتل أو هُزم، فكان في ذلك تجرئةٌ للمشركين، وتوهينٌ على المسلمين، ووجه من أباح ذلك مطلقاً، أنه جهاد في الله، فإذا انبعثت لذلك نيّة المسلم، خالصةً لله -عز وجل-، لم يكن به بأس، قال الله

-تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩] ، ولم يُنقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن ذلك في موطنٍ من المواطن، بل ظواهِر الأخبار في مواضِعَ من ذلك تدلُّ على أن بعضهم قد كان يبارز ولا يستأذنه، فلا يُنكر ذلك عليه؛ من ذلك: ما رُوي أن أبا قتادة قال: بارزتُ رجلاً يوم حُنين فقتلتُه، فأعطاني النبي - صلى الله عليه وسلم - سلَبَه (٣) ، ذكره ابن المنذر مسنداً (٤) ، وهذا الوجه أظهر، والله أعلم.

* مسألة:

اختلف العلماء في إعانة المسلمين الرجل منهم إذا بارز مشركاً، فأرخص


(١) انظر: «البيان والتحصيل» (٣/٦٣-٦٤) ، «الذخيرة» (٣/٤١٠) ، و «النوادر والزيادات» (٣/٢٨، ٥٤-٥٥) ، «منح الجليل» (٣/١٦٧) ، «الأم» (٤/١٦٠) ، «مختصر المزني» (٢٧٤) ، «روضة الطالبين» (١٠/٢٥٠) ، «مغني المحتاج» (٤/٢٢٦) ، «تحرير الأحكام» لابن جماعة (ص ١٨١) .
(٢) قال البغوي في «شرح السنة» (١١/٦٧) : «وحُكي عن الأوزاعي كل واحد من القولين» ، وحكى الطبري في «اختلاف الفقهاء» (ص ١٢) ، والقرطبي في «تفسيره» (٣/٢٥٨) ، والحطاب في «مواهب الجليل» (٣/٣٩) ، والشوكاني في «النيل» (٧/٢١٧) عنه المنع، وحكى الخطابي في «معالم السنن» (٢/٢٧٩) والقرطبي عنه الجواز، وانظر: «فقه الأوزاعي» (٢/٣٩٤) .
(٣) أخرجه البخاري في كتاب فرض الخمس (باب من لم يخمِّس الأسلاب، ومن قتل قتيلاً فله سَلَبه من غير أن يخمّس، وحكم الإمام فيه) (رقم ٣١٤٢) . ومسلم في كتاب الجهاد والسير (باب استحقاق القاتل سلب القتيل) (١٧٥١) (٤١) .
(٤) في «الأوسط» (١١/١٠٩ رقم ٦٤٩٣) .

<<  <   >  >>