للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا أصحاب الصوامع الذين لا يخالطون الناس، يعني: أنه لا أذىً عندهم بقتال

ولا مشاركة رأيٍ؛ لانفرادهم، ونحو ذلك، وروي (١) عن أبي حنيفة وأصحابه (٢) . وقال الأوزاعي (٣) : لا يقتل الحراث، ولا الراهب، ولا الشيخ الكبير، ولا المجنون.

قلت: أمَّا المجنون، فلا ينبغي أن يكون فيه خلافٌ أنه لا يقتل، لاسيّما إن كان كذلك بَلَغ، فهو غير مكلفٍ باتفاق، ولا يَنْطَلِقُ عليه وصف الكفر، ودليل هؤلاء في تخصيص من خصَّصوه من هذه الأصناف: ما يُنتزع من قوله -تعالى-: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا} [البقرة: ١٩٠] ، فمن غلب على نظره في صنف من هؤلاء العاجزين عن القتال غالباً كالزَّمْنَى والهَرْمَى والمنقطعين من الرهبان، وأهل الخدمة والامتهان، أنهم لا يُعتدُّون فيمن يقاتل؛ جعلهم مخصوصين من القتل، ورأى ذلك ممنوعاً بقوله -تعالى-: {وَلاَ تَعْتَدُوا} [البقرة: ١٩٠] ، أي: لا تقتلوا من ليس من أهل القتال، وقياساً على النساء؛ بعلَّة العجز عن القتال.

وأيضاً، فقد رووا في بعض ذلك آثاراً تعترض من جهة الإسناد، وأرجح ما في ذلك: ما خرَّجه أبو داود (٤) ، عن رباح بن ربيع قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في

غزوة،


= وإسناده ضعيف، فيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة.
وانظر: «المحلّى» (٧/٤٧٣) ، «نيل الأوطار» (٧/٢٦٢) .
(١) في الأصل والمنسوخ: روي. بدون واو.
(٢) انظر: «شرح معاني الآثار» (٣/٢٢٠-٢٢٥) ، «المبسوط» (١٠/٢٩، ٦٤) ، «تحفة الفقهاء» (٣/٢٩٥) ، «فتح القدير» (٥/٤٥٢) ، «الاختيار» (٤/١٢٠) ، «السير الكبير» (٥/١٨٠٧- مع «شرحه» ) ، «بدائع الصنائع» (٧/١٠١) ، «تبيين الحقائق» (٣/٢٤٥) ، «البحر الرائق» (٥/١٣٠-ط. دار الكتب العلمية) ، «مجمع الأنهر» (٢/٤١٤-٤١٥) ، «البناية شرح الهداية» (٥/٦٦٢) .
(٣) واستثنى المريض إذا كان شابًّا، فيقتل.
انظر: «النوادر والزيادات» (٣/٥٨) ، و «الاستذكار» (١٤/٧٢) ، «معالم السنن» (٢/٢٨٠) ، «المغني» (١٠/٥٤٣) ، «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٣٩٧) .
(٤) في «سننه» في كتاب الجهاد (باب في قتل النساء) (رقم ٢٦٦٩) . =

<<  <   >  >>