وبه قال الحنابلة في قول مرجوح لهم. انظر: «المحرر» (٢/١٣٦) ، «الإنصاف» (٤/١٢٩) ، «مطالب أولي النهى» (٢/٥١٩) . وهو مقتضى ما ذهب إليه الأوزاعي والليث. انظر: «أحكام القرآن» للجصاص (٣/٣٩٥) ، «المغني» (١٣/١٤٢) . وبه قال الحسن بن زياد صاحب أبي حنيفة. انظر: «بدائع الصنائع» (٧/١٠١) . ودليلهم قول الله -تعالى-: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] ، ووجه الدلالة: أن الرامي قتل مؤمناً معصوماً خطأ بغير عمد مَحْض، فوجب موجبه؛ لهذه الآية. وكذا قول الله -تعالى-: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ ... فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح: ٢٥] ، على قول بعض المفسرين: أن المراد بالمعرة في هذه الآية: الكفارة والدية. انظر: «تفسير الماوردي» (٤/٦٤) ، «زاد المسير» لابن الجوزي (٤/٤٤٠) . خلافاً للحنفية، فهم لا يوجبون كفارة ولا دية. وقد ذكره المصنف عنهم آنفاً. وقد ضعَّف ابن عطية في «تفسيره» تفسير «المعرَّة» بأنها الدية -كما هو قول ابن إسحاق-؛ لأنه لا دية في قتل مؤمن مستور الإيمان بين أهل الحرب. أما تفسير «المعرَّة» بأنها الكفارة -كما قاله الكلبي ومقاتل والطبري- فضعيف. قال الحنفية: لأن الحرب عندنا تمنع وجوب ما يندرئ بالشبهات. انظر: «روح المعاني» (٩/١١٤) ، «تبيين الحقائق» (٣/ ٢٤٤) . وقول الحنفية هذا وجيهٌ وقوي، والقتل -هنا- ليس من باب القتل الخطأ المحض، ولا من باب القتل العمد وشبه العمد. وانظر: «قضايا فقهية في العلاقات الدولية حال الحرب» لحسن أبو غدة (ص ١٥٩-١٦٧) . والقول الآخر للشافعية -وهو المرجوح عندهم-، وبه قال الحنابلة -في القول الآخر الصحيح =