وقال شيخنا الألباني -رحمه الله- في «صحيح سنن أبي داود» : «حسن» . وأخرجه أبو عبيد في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢٠٥/ رقم ٣٨٥) -ومن طريقه ابن المنذر في «التفسير» (٢/٧٨٥-٧٨٦) (رقم ١٩٨٥) من حديث عطاء الخراساني، عن ابن عباس. وفيه زيادة أن ابن عباس قال: تنفر طائفة وتمكث طائفة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: فالماكثون: هم الذين يتفقهون في الدين وينذرون إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو بما نزل من قضاء الله وكتابه وحدوده. اهـ. وروى نحوه ابن أبي حاتم في «التفسير» (٣/٩٩٨) (رقم ٥٥٨٢) ، والبيهقي في «الكبرى» (٩/٤٧) في كتاب السير (باب النفير وما يستدل على أن الجهاد فرض على الكفاية) . فمذهب ابن عباس ومقصده في النسخ فيما إذا خرجت سرية للجهاد، ولكن إذا احتيج للمسلمين: لم يسع أحداً التخلف عن الجهاد. وما ذهب إليه المصنف من عدم النسخ هو الصواب، وهو مذهب جمهور العلماء. قال أبو جعفر النحاس في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢٠٩) في قوله تعالى: {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ} [التوبة: ١٢٠] قال: مذهب ابن زيد أنه نسخها {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَافَّةً} [التوبة: ١٢٢] ، ومذهب غيره أنه ليس ها هنا ناسخ ولا منسوخ، وأن الآية الأولى توجب إذا نفر النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو احتيج إلى المسلمين واستنفروا: لم يَسع أحداً التخلف، وإذا بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - سرية تخلَّفت طائفة، وهذا مذهب ابن عباس والضحّاك وقتادة. اهـ. كلامه. ومذهب ابن زيد ذكره ابن العربي المالكي في «الناسخ والمنسوخ» (ص ٢٦٣) ، وابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات» (٣/١٨) . وذهب إلى النسخ -أيضاً-: الإمام المازري كما في «الذخيرة» (٣/٣٨٥) ، والنحاس في «معاني القرآن» (١٠٥٨) ، وغيرهم. =