للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فظاهر قول عمر، أن ذلك لا يلزمُ الأسيرَ، وإن كان له مال، وهو ظاهر

قول مالك: فكيف لا يَفْتَدُونهم بأموالهم؟! يريد: إذا لم يكن في بيت المال شيء، ودليل هذا المذهب: ظاهرُ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فُكُّوا العاني» ، فالأمر بذلك لسائر المسلمين غير الأسير، فلم يتوجه عليه من ذلك شيء، كان له مالٌ أو لم يكن.

قيل: فإن ضَيَّع ذلك الإمام والمسلمون، فعلى الأسير إن كان ذا مالٍ أن يفدِيَ نَفْسه؛ لأن إقامته تحت الكُفَّار مع إمكان التخلُّص عليه حرام. وقد قيل: إنه إذا كان له مال، فإنما تجب فديته عليه نفسه، لا يجب ذلك على غيره إلا بعدمه. قال اللَّخمي (١) : أرى أنْ يُبدأ بمال الأسير، فإن لم يكن، فبيت المال، فإنْ لم يكن، أو كان ولا يتوصل إليه، فمن الزَّكَوات، يعني: على أحد القولين عند المالكية: هل يدخلُ افتكاك الأسْرى في الرِّقاب أوْ لا؟ قال: فإن لم يكن، فعلى جميع المسلمين على قَدْرِ الأموال، إذا كان ما يُفدى به لا يستغرق أموالهم، وإن كان يستغرقها افتدوه بجميعها.

فأقول: إذا ثبت وجوبُ القتال على المسلمين لاستنقاذ الأسير، فَلَهم حالتان: حالة عَجْزٍ عن مقاومة العدوِّ في استنقاذه بالقتال، وحالة قدرةٍ على ذلك.

فأمَّا حالة العَجْز فهو مما يحتمل الخلاف المتقدم: أنْ تكون الفدية بكل حالٍ على سائر المسلمين غير الأسير؛ للأدلة التي قدَّمْنا، وأن يكون ذلك مرتباً


= جدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: دخلت على عمر حين طعن، فسمعته يقول. فذكره.
وفي رواية ابن أبي شيبة دون ذكر الدخول.
ويوسف بن مهران: لين الحديث، ولم يرو عنه إلا علي بن زيد بن جدعان: وهو ضعيف.
ومحمد بن أبي حفصة، أبو سلمة البصري: صدوق يخطيء.
فالأثر ضعيف عن عمر. وذكره ابن المنذر -أيضاً- في «الإقناع» (٢/٤٩٢) .
(١) انظر: «الذخيرة» (٣/٣٨٩) ، و «البيان والتحصيل» (٢/٥٦٠) .

<<  <   >  >>