للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على نحو ما ذكر اللَّخمي في الابتداء به إن كان ذا مال؛ لما عَسَى أن يخصص به وجوب الفدية على المسلمين فيمن لا مال له من الأسرى.

وأمَّا حالةُ القُدرةِ على استنقاذه بالقتال، فيتركون ذلك تخيُّراً للفداء، فها هنا كان ينبغي أن لا توضع الفدية في مال الأسير بحال؛ لأنه فرضٌ واجبٌ على غيره من المسلمين، فلم يكن لهم أن يُسقطوه عن أنفسهم ببذل مال الأسير، لكن لهم الخيرة في القتال، أو بذل المال من عند أنفسهم، أو من بيت المال الذي أُعِدَّ لمصالح الإسلام.

قال ابن المنذر (١) : «أجمع كلُّ من يُحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ الرجل إذا اشترى أسيراً من أسارى المسلمين من العدوِّ بأَمره بمالٍ معلوم، ودَفَع المال بأمره، أنَّ له أنْ يرجع بذلك عليه» . واختلفوا إن اشتراه بغير أمره؛ فقال مالكٌ والأوزاعيُّ وأحمد وإسحاق وغيرهم: يَأْخُذُ منه ما اشتراه به (٢) ،

وقال الشافعي والثوري: لا شيء على الأسير من ذلك إذا كان بغير أمره (٣) .


(١) في «الإجماع» له (ص ٦٠) ، و «الأوسط» (١١/٢٤١-٢٤٢) .
(٢) انظر: «المقنع» لابن البنّا (٣/١١٨٠) ، «المغني» (١٣/١٣٣-١٣٤) ، «شرح الزركشي» (٦/٥١٨) ، «شرح المختصر» لأبي يعلى (٢/٥٦٥) ، «الواضح» (٢/٢٦٩) ، «مسائل الإمام أحمد» (١/٢٠٨- رواية الكوسج، ٢/٥١- رواية عبد الله) ، «الذخيرة» (٣/٣٨٩) ، «النوادر والزيادات» (٣/ ٣٠٩، ٣١١) ، «البيان والتحصيل» (٢/٦١٤) ، «الكافي» (٤٧١) ، «جامع الأمهات» (٢٤٤) .
وكان الأوزاعي يقول: إذا اختلف الأسير والمشتري، فالقول قول المشتري.
وانظر: «اختلاف الفقهاء» (١٨٥) للطبري، «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٤٣٥) .
(٣) ومذهب الشافعي هو مذهب أبي حنيفة، وقاله ابن سيرين.
انظر: «الفتاوى الهندية» (٢/٢٠٨) ، و «الأوسط» (١١/٢٤٢) .
وقيل للثوري: فإن اختلفا في الثمن، إذا أقرَّ الأسير أنه قد أمره أن يشتريه، ولم يوقت الثمن؟ فالقول قول المشتري، وإذا قال الأسير: أمرتك أن تشتريني بكذا، وقال المشتري: أمرتني بكذا، فالقول قول الأسير. وقال ابن أبي يعلى: القول قول المشتري. ذكره أبو بكر بن المنذر في «الأوسط» (١١/ ٢٤٢) ثم قال: «قال أبو بكر: القول قول الأسير الآمر مع يمينه، وهو على مذهب الشافعي» . ورجح مذهب الشافعي وسفيان في «الإشراف» (١/١٢٤) . =

<<  <   >  >>